نقاش سلمى موضوع (أثير الماضي) للكاتبة ملكة طنجة
التقينا يا هاجر في ذلك الوقت، ونحن في بداية حياتنا، كنا لا نزال نحلم بالمستقبل ونتخيل كل شيء جميلا..
كان الجميع هنا يتشاركون في حب المنتدى وحب بعضنا البعض، أعضاء اليوم لا يستطيعون الإحساس بما عشناه لأنه في ذلك الوقت لم يكن هنالك فيسبوك وانستغرام وواتساب وكل هذه المواقع التي تجعله تتعرف على الآخرين وفكرهم وتبادلهم الحديث.
كنا لا نزال لا نعرف عالم النت، والتقينا بالبعض عبر دردشات الامسن والياهو.
كانت رسائلنا أول دقات للعالم، فتعرفنا على شخصيات من مختلف بقاع العالم العربي..
كانت لي صديقة جميلة من البحرين، كنا نلتقي هنا وعلى الياهو ونتحدث كثيرا وبعثنا صور بعضنا وحلمنا أن نلتقي... الخ
اليوم نسيتها ونسيتني.. ولا أذكر من ملامح وجهها وشخصيتها الكثير..
حدثت معي حادثة لم أنساها مطلقا، إذ كنت في مرحلة ما أكتب كثيرا في النقاش الجاد وفي القصص، وكان لي متابعون كثر، كنت أجاملهم وأحبهم من خلال ردودي عليهم.. ولأنهم كانوا كثيرين لم تستطع ذاكرتي احتوائهم كلهم، حيث اقفلت عضويتي ثم رجعت سنة 2016 فراسلتني احداهن عبر مشرفة من الجاد قالت لي افتحي بريدك (فلانة) تريد ان تراسلك، كنت في ذلك الوقت أتيت بعد فقد أمي بسنوات، كانت كافية لأن أفقد ذاكرتي وذكرياتي، تعلمت في هذه الفترة الكثير، وتغيرت حياتي كثيرا.. عدتُ وأنا مختلفة تماما عما كنت عليه، وقد نضجت كفاية وتعلمت الكثير..
فقلت لها من (فلانة) أنا لا اعرفها، ولكن سأراسلها لا تقلقي.. المشكلة أنها راسلتها واخبرتها اني لم اعرفها.. وزدت الطين بلة لما راسلتها شخصيا وقلت لها من انت اخبرتني المشرفة انك تريدين الحديث إلي.. فأتاني ردها صادما.. فقد كتبت من نزف قلبها الكثير.. لقد كانت تحب قلمي وتتابع كتاباتي وتأثرت بموت امي وكتبت مع المعزين في مواضيعي وانتقل حبها لقلمي الى حبها لشخصي، ولكني لم اعرف بها ولم اسمع عنها، قالت لقد كنت رقما من ارقام الكثيرين الذين عرفوك.. ولم تعرفيني يوما..
رسالتها دمرتني وحسستني كم اني تغيرت، حاولت اصلاح خطئي وطلبت رقم هاتفها لأكلمها، لكنها اختفت كلمح البصر، ولم اجد لها اثرا منذ ذلك الوقت..
أحيانا نحن نتغير وننسى، وربما نؤذي البعض دون ان ندري..
منذ مدة بعيدة، أعدت التواصل مع صديقة المراهقة منذ أيام الثانوية، وجدتها على الفيسبوك، وتحدثنا طويلا عن ذكرياتنا، اول يوم تحدثنا بالمراسلة تقريبا ساعتين، تسألني وأجيب وأسألها وترد، كانت منبهرة بطريقة رؤيتي للماضي وبقدرتي على تذكر التفاصيل، وبأن الدنيا لم تغيرني بل حسنت من رؤيتي وتفاعلي.. وكنت معجبة ببقاء رقي فكرها..
المشكلة أني أحسستها لا تحب أن تدخل أحدا جديدا لحياتها، وأنا الأخرى لمحت لها أني اكتفيت من الناس.
وبقينا في المنتصف!
للعلم هي شاعرة وذات فكر راق، ولكن أعرف جيدا ما يمكن أن يفعله الخذلان بالمرء. لكن رغم روعة لقائنا وثقتي بها لدرجة أخذت عنواني وبعثت لي ديوانها الشعري، ولكن أحسستها استصعبت نزع الحدود مع البشر.
لما قرأت ديوانها أرسلت لها بملاحظاتي.. والتي مزجتها برؤيتي لعمق ما تكتب وبمقارنتها بشخصيتها وبمشاعرها.. أحسستها جد متأثرة لدرجة لم تعلق على ملاحظاتي، بل اكتفت بالقول لابد ان نتحدث هاتفيا بعد العيد ان شاء الله.
كان يفصلنا يوم عن العيد، مر العيد ولم نتحدث، يومان ثلاث... الآن مرت أشهر.
لم أستطع أن أدخلها لحياتي، ولم تستطع هي ذلك أيضا.
قد يقول أحد ما.. ما هذه الطريقة الغريبة في رؤية الأمور وفي الحياة، ولكنها ما حصل، هذا نتاج الخذلان الكبير، وعدم القدرة على تحمل أية صدمة مهما كانت صغيرة.
تصوري أن تحبي شخصا لكنك لا تستطيعين إعادة علاقتك به..
أظنه قمة الانهيار الإنساني..