
في الاسبوع الأخير من شهر آذار/مارس من عام 1986 غادر وفد منتخبنا الوطني بكرة القدم العراق بطائرة خاصة وفرتها له الخطوط الجوية العراقية متجها صوب البرازيل التي وصلها عبر مرحلتين (عمّان – لشبونة) لإقامة معسكر تدريبي في هذا البلد لمدة شهر كامل إكمالا للمراحل النهائية للاستعداد للمونديال الذي بدأ الجميع يعد الأيام عكسيا لقدومه..
الوفد تألف من 22 لاعبا مع كادر مكوّن من:
إيدو (مديرا فنيا للفريق ومدرب أول) – لانسيتا (مدربا للياقة البدنية) – فرانكو "شقيق إيدو" / مساعد مدرب ومدرب حراس مرمى أول- أكرم أحمد سلمان (مدرب مرافق) - سعد جميل مدرب حراس مرمى ثانِ – الدكتور زي لويش (طبيب أول) – الدكتور بيدرو "طبيب معتمد" – هادي حميد (معالج طبيعي) – كوركيس اسماعيل (إداري)..
يرأس الوفد السيد مؤيد البدري وصحفي مرافق هو السيد صكبان الربيعي ومصور إعلامي هو السيد هيثم فتح الله إضافة الى المترجم (سلام)..
حطت طائرة الوفد الكروي العراقي في البرازيل لتقله الحافلة الى مدينة (تيرس بولس) الواقعة وسط البرازيل ليقيم سفير العراق فيها قيس المختار حفلا شرفيا كبيرا للوفد في مقر السفارة غطته وسائل الاعلام البرازيلية..

مدينة تيرس بولس:

تقع هذه المدينة وسط البرازيل وجوّها رطب حار تكثر فيه الامطار على مدار السنة وقد قيل أنها مشابهة لأجواء المكسيك (وهذا ماسنعرف صحته أم خطأه في الاسطر اللاحقة)..
المدينة تحتوي على ملاعب كروية عديدة وترتفع عن سطح البحر 1260 قدم.. وقد قدم المنتخب الوطني اليها وحط في فندقها الرئيس وهو يعاني من إصابات عديدة بين صفوفه بسبب المباريات الودية ومباريات الدوري..
قبل كل شيء عقدت رئاسة الوفد بقيادة مؤيد البدري إجتماعا موسعا مع الكادر التدريبي تم من خلاله تحديد برنامجا إعداديا متكاملا للقاء الفرق البرازيلية التي ستقابل منتخبنا بتحديده أوقاتا مختلفة وملاعب مختلفة وكذلك أجواء مختلفة.. فقد لعب منتخبنا ليلا وصباحا وظهرا.. ولعب في جو ممطر وفي جو حار بالغ الرطوبة لتعويد لاعبيه على إختلاف الاجواء التي ستصاحب مبارياتهم في المكسيك..
إهتمام إعلامي برازيلي كبير بمنتخبنا
سارعت وسائل الاعلام البرازيلية بالاتجاه نحو منتخبنا الوطني الذي نُقلت مباراة تأهله مع سوريا عبرها لتحظى بلقاءات حصرية مع لاعبيه وأعضاء وفده إلا أن أهمها وأولها تلك التغطية الحصرية التي حظي بها أكبر ناقد رياضي بالبرازيل و قارة أمريكا الجنوبية برمتها وأشهرهم وهو الاعلامي الكبير السيد (ألين بورتو) عبر إجراءه تحقيقا موسعا عن الفريق العراقي وتصوير لأول وحدة تدريبية له على أحد ملاعب مدينة (تيرس بولس) أجرى خلاله لقاءات مع حسين سعيد واحمد راضي ورعد حمودي والمدرب إيدو ليفاجأ الجميع بالنهاية قائلا لهم أن نسخة من التحقيق المصوّر وأسرار فريقكم ستذهب الى بلجيكا والبارغواي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
من جهة ثانية أجرت محطة (موكد) التلفزيونية وهي واحدة من المحطات الرئيسية السبع في البرازيل آنذاك تحقيقا موسعا عن الفريق العراقي لتبث في نشرتها الاخبارية الرياضية الصباحية وحدة تدريبية لمنتخبنا على الهواء مباشرة..
المحطة الرئيسية في ريودي جانيرو أجرت استوديو تحليلي عن منتخبنا استضافت فيه (زاغاولو وسانتانا ومانيللي إضافة الى مدرب المنتخب العراقي السابق فييرا) أستعرض فيه الجميع تاريخ الكرة العراقية مع تقديم نصائح للاعبين العراقيين وهم يلعبون المونديال لأول مرة كانت أهمها تلك الجملة الشهيرة التي قالها زغاولو: ليعلم اللاعب العراقي بأن كل مباراة في كأس العالم تمثل بطولة برمتها من تلك التي لعبوها في مسيرتهم الرياضية..
إنطلاق المباريات التجريبية
فاجأ المنتخب العراقي الجميع بمباريات تجريبية متواضعة مع فرق برازيلية وعلى ملاعب غير رسمية أشبهها بالادغال من الملاعب.. فالمباريات والنتائج التي حققها منتخبنا جاءت غير مناسبة للمكانة الاعلامية والاهتمام الواسع الذي حظي فيه بالبرازيل رغم أن وسائل الاعلام العراقية حينها نقلت صورة مغايرة للواقع إلا أن مجلة الرشيد وفي عددها المرقم 22 الصادر بتاريخ 16 آيار 1986 أشارت من طرف خفي إلى تواضع المباريات التجريبية التي خاضها منتخبنا واستهانة البرازيليين بها...
4 نيسان/ المباراة الأولى/ نادي أميركا/2-2 :

بداية ليس عندي أي علم عن مركز أميركا هذا ومكانته في الدوري البرازيلي.. لكن كما ترون بالصور أن المباراة جرت على ملعب وكأنه في أدغال الأمازون.. المباراة أنتهت نتيجتها بالتعادل بهدفين لكلا الفريقين.. سجل هدفي فريقنا في تلك المُباراة خليل محمد علاوي من كرة لم تستطع الكاميرا تسجيلها لسرعتها والهدف الثاني جاء بتوقيع باسل كوركيس.. وقد عرضت وسائل الاعلام البرازيلية لقطات من تلك المُباراة وغطت صحيفة (جورنال برازيل) المباراة كاملة في صفتها الرياضية زينتها ببوستر لمنتخبنا الوطني..
بعد المباراة خرج لاعبوا منتخبنا الى جولة تسويقية في شوارع ريودي جانيرو وبعدها عادو الى الفندق للتحضير ليوم التدريب الثاني..
11 نيسان/ المباراة الثانية/ نادي فلامنغو /1-3:

خاض منتخبنا هذه المباراة في الساعة التاسعة والربع مساءا وعلى ملعب الماراكانا الشهير وقد نقلت على الهواء مباشرة على محطة ريودي جانيرو المحلية وقد حاول التلفزيون العراقي تأمين إتصال مباشر مع المحطة لنقلها الى العراق الا أن المحاولة باءت بالفشل.. وقد أسفرت عن سيطرة شبه كاملة من نادي فلامنغو على مجريات اللعب أسفرت عن ثلاثة أهداف نظيفة لفلامنغو ليسجل أحمد راضي هدف العراق الوحيد بالمباراة.. بعد المباراة استضاف الاستوديو التحليلي المدرب زاغاولو الذي كان مستغربا جدا قائلا: فريق مفكك الدفاع وهش الوسط.. هل هذا هو العراق حقا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!...
عروض من أندية برازيلية لمقابلة منتخب العراق
بعد التغطية الاعلامية والنقل المباشر لمباراة منتخبنا الوطني ونادي فلامنغو جاءت عروض عديدة من أندية برازيلية لمقابلة منتخبنا أبرزها كانت من نادي فاسكو ديغاما وساوباولو وقد رُفضت جميعا إلا عرض نادي بانكو الوحيد الذي تم قبوله..
13 نيسان/ المباراة الثالثة/ نادي كالوكا (درجة ثالثة!)/2-0:


لعبها العراق بعد يومين من خسارة فلامنغو بتشكيلة من الاحتياطيين على ملعب كالوكا أنتهت بفوزه على هذا النادي بهدفين دون رد .. الهدف الأول جاء بتوقيع عناد عبد من ضربة رأس جاءته عبر تمريرة أرسلها من اليمين المدافع كريم محمد علاوي ليودعها عناد برأسه الى المرمى..
الهدف الثاني جاء بالدقيقة 80 عبر ضربة جزاء احتسبها الحكم على إثر تحويلة من باسل كوركيس الى المرحوم ناطق هاشم سددها بقوة إلى المرمى ليبعدها مدافع الدرجة الثالثة بيده ليسجل سمير شاكر الهدف الثاني من ضربة جزاء..
16 نيسان/ المباراة الرابعة/ نادي بانكو/ ثالث الدرجة الأولى/2-1:
المباراة جرت في الساعة الثانية عشرة ظهرا على ملعب كماري في مدينة تيريس بولص.. المباراة كانت قوية جدا وشهدت خشونة من قبل لاعبي بانكو.. أنتهت بفوز العراق بهدفين لهدف واحد جاءت بتوقيع: حارس محمد وأحمد راضي..
في تلك الأثناء كانت البرازيل تستعد تجريبيا بمباريات ودية خاضتها مع منتخبات البيرو وهنغاريا وفنلندا والمانيا الديموقراطية لتفاتح رسميا المنتخب الوطني العراقي بإجراء مباراة ودية معه.. إيدو رحب بالفكرة ولكن رئيس الاتحاد قال له هاتفيا: إذا خسرتم 6 وأكثر لاتلعبو، وإذا خسرتم دونها فألعبوا وكأن إيدو مُنَجِمْ أو يقرأ الكف فرفض الفكرة وألغى المباراة..
كان من المقرر أن يجري منتخبنا لقاءا مع منتخب مقاطعة ريودي جانيرو الذي يضم خليطا من لاعبي الدوري الممتاز لكن إدارة الفريق العراقي أعتذرت عن اللقاء بذريعة بُعد مكان المباراة عن مقر إقامة الفريق (تيرس بولص) بثلاث ساعات بالطائرة مما يسبب الارهاق..
ليكتفي بمباراة تنشيطية مع فريق من مدينة تيرس بولس أنتهت بفوز العراق بثمانية أهداف دون مقابل..
لينتهي بذلك المعسكر الذي كانت حصيلته 5 مباريات بمعدل 45 وحدة تدريبية.. المعسكر كان ذو واجهة سياحية وإعلامية رغم الفائدة التي اكتسبها منه منتخبنا الوطني من الناحيتين التكتيكية والبدنية..
إيفرسوتو يحضر الى بغداد سرا
عاد المنتخب العراقي الى بغداد بعد راحة لأيام قليلة عاود بعدها تدريباته بقيادة إيدو وإشرافه..
ليجري آخر مباراتين له قبل الذهاب الى المكسيك.. الأولى كانت مع منتخب جمهورية آيرلندا أنتهت عراقية بهدف أحمد راضي وخروجه منها مصابا..

والثانية مع نادي شالكة الالماني بتاريخ 2 أيار والتي أنتهت بفوزه بهدفين دون رد بتوقيع ناطق هاشم وسمير شاكر..
بعد المباراتين جاء قرار غريب للغاية بإبعاد المدرب إيدو عن تدريب منتخبنا الوطني في وقت بالغ الحراجة ليحل محله إيفرستو الذي أتضح أنه حضر مباراة ايرلندا سرا في ملعب الشعب ليراقبها بين الجمهور كمتفرج..
القرار كان من أغرب القرارات في تاريخ الكرة العراقية.. فأيدو قد أسس قاعدة متينة ورصينة بينه وبين لاعبي المنتخب من خلال تعامله الأخوي معهم وأسلوبه المرن وكياسته وظرافته..كانت له طموحات كبيرة لتطوير الكرة العراقية بعد كأس العالم ومن أولى ثمارها تشكيل المنتخبات العراقية الاربعة آنفة الذكر، إضافة الى أن الرجل كان لايضغط على المنتخب مطلقا فتمرينه عبارة عن وحدات متقطعة (صباحية وظهرية ومسائية) والليل يكون ملك الفريق..
إيدو كانت لديه مقولة ماثورة وهي:
الفريق روحية قبل أن يكون تكتيكا وخطط، الروحية هي من تجمع الفريق ليخلق جوا عائليا بينهم ملؤه الفرح والمسرة..
إيدو هو من استدعى فلاح حسن لإيمانه بعطائه رغم سني عمره وتوثيقا لصلة العلاقة مع الجمهور العراقي الذي يعشق فلاح حسن، كان إيدو يريد إعطاء المنتخب العراقي وجمهوره دافعا معنويا بإشراك فلاح حسن بخبرته وتاريخه وشخصيته الفذة ولو لربع ساعة في كل مباراة في المونديال وهو يعلم تأثير تلك الربع ساعة بالفريق بأكمله وبفلاح حسن نفسه.. إيدو كان لايعترف بشيء اسمه اللاعب النجم بقدر بحثه عن الخامات الواعدة التي يزخر فيها العراق والمراهنة عليها.. فاستعان بلاعب مغمور اسمه جعفر عبد الحسين ليراهن عليه بأن يكون أمل العراق بالمونديال وهو إبن الساحات الشعبية.. واستعان بفلاح حسن مؤمنا بعطاءه.. والمفاجأة الأكبر تكمن في أن عينيه كانتا تراقب لاعب الشرطة الجماهيري المحبوب فيصل عزيز وكان يريد ضمه الى قائمة المكسيك..إنتهى أمر إيدو بجرة قلم اتحادية وفي وقت بالغ الحراجة لأسباب يرجعها البعض الى الاتحاد بسبب معسكر البرازيل وتداعياته والبعض الآخر الى كُتلة من اللاعبين الذين لم يرق لهم نظام المساواة بين النجم والمغمور وبين الصغير والكبير التي اتبعها إيدو بالمنتخب..
إذا اصبح الأمر واقعا وأنتهى أمر إيدو وجاء إيفرستو ليحل محله..
الطاغية إيفرستو

*لعب لناشئة نادي فلامنغو البرازيلي وهو بسن الخامسة عشرة..
*في سن السابعة عشر لعب في منتخب شباب البرازيل..
*في عام 1957 هاجر الى اسبانيا ليلعب في نادي برشلونة حتى موسم 62-63 منتقلا الى نادي ريال مدريد الذي كان يضم حينها العمالقة ولم يأخذ فرصته الكافية التي قضى فيها ثلاث مواسم أغلب مبارياتها كان جليس الاحتياط لينهي عقده مع ريال مدريد في موسم 56-66 ليعود بعدها الى البرازيل..
*بعد عودته الى البرازيل لعب إيفرستو موسما واحدا فقط مع نادي فلامنغو 66-67 ليقرر بعدها الاعتزال..
*في عام 69 كان نادي أميركا أول محطاته التدريبية..
* في عام 68 درب نادي فلومينزه..
* في عام 69 أختير مع زاغاولو كمساعدين لمدرب المنتخب البرازيلي براندو في تصفيات كأس العالم..
*في عام 70 درب نادي فاسكو ديغاما لموسمين..
*في عام 73 أشرف على تدريب نادي سانتا كروزا..
*في عام 77 درب منتخب شباب البرازيل في كأس العالم للشباب التي أقيمت في تونس..
*بعد انهاء عقده مع تونس عاد الى البرازيل ليدرب نادي باهيا ثم انتقل لتدريب نادي سانتا كروزا الذي كان آخر محطة تدريبية له بالاندية البرازيلية ليشد الرحال الى الخليج العربي..
*في 10 ايار من عام 1979 وقع عقدا مع الاتحاد القطري لكرة القدم لتدريب منتخبه..
*عاد الى البرازيل لفترة قصيرة ليفاجأ بعرض مغرٍ بتدريب منتخبها في تصفيات كأس العالم 86 لينهي الاتحاد البرازيلي عقده ليعود بعدها الى قطر.
بعد مُباراة شالكة الالماني الاخيرة كان المنتخب العراقي مرهقا ارهاقا كبيرا من خلال مباريات الدوري ومباريات بغداد الودية ومعسكر البرازيل ثم العودة الى مباريات بغداد الودية من جديد ليبلغ مرحلة كبيرة من التعب ناهيك عن فترة مُباريات التصفيات القريبة جدا من مباريات الاعداد للتأهل..
لم يقتنع إيفرستو أو إدعى بقناعته بأن المنتخب العراقي يعاني نقصا باللياقة وليس مرهقا معزيا الامر على إيدو وكادره بذلك ليبدأ مع الفريق وحدات تدريبية شاقة جدا زادت من تعبهم وطلب الاسراع بالذهاب الى المكسيك ليكون المنتخب أول الواصلين اليها بعد اسكوتلندا..
فلاح حسن

من المعروف أن اللاعب فلاح حسن وكما هو المُشار في الحلقة الثانية من هذا البحث بأنه كان محط أنظار المدرب إيدو منذ أن فاتحه الاتحاد العراقي بتدريب فريقه، وبالفعل أصر الرجل على استدعاءه الى المنتخب وقد لعب المباراة الثانية أمام رومانيا التي قدم فيها مستوىً طيب وكان ضمن وفد منتخبنا في البرازيل وبعدها خاض مباراة مع ايرلندا تألق فيها.. الامر الذي دفع باللاعب هادي أحمد الذي كان يلعب مع الميناء حينها بالتصريح الاتي لمجلة الرشيد:

بإمكاني اللعب مع المنتخب الوطني إن تم استدعائي إسوة بزميلي فلاح حسن.. فأنا لازلت ذلك الهادي أحمد بل أنا أحسن منه.. خبرتي ازدادت ولياقتي مكتملة وبإمكاني اللعب مع منتخبنا في كأس العالم وأنا واثق من قولي هذا.. بإستطاعتي أيضا التأقلم مع اللاعبين الحاليين ومجاراتهم..
كانت أول قرارات إيفرستو هي إبعاد فلاح حسن دون الرجوع للاتحاد قائلا:
مع احترامي لتاريخ فلاح حسن ...لكنه سوف لن يخدمني في بطولة على مستوى كأس العالم ..فهذه البطولة تحتاج للاعبين على مستوى عالٍ من اللياقة البدنية ..وبإمكانهم اللعب لمدة 90 دقيقة تحت درجات حرارة عالية ومع منتخبات أعلى منهم مستوى ..أنا لاأحتاج للاعب يلعب بعض الحركات الفنية والأكروباتيكية ليصرخ الجمهور مصفقا له ..مثلما راقبته في ملعب الشعب).
ليناقض بذلك إيدو.. مما قاله إيفرستو أيضا للمنتخب في إحدى وحداته التدريبية قبل الذهاب الى المكسيك قائلا: سأحاول أن أخرجكم من المونديال بأقل الخسائر.. يا الهي... إيدو كان يؤمل الفريق بالتأهل الى الدور الـ16 ويعدهم بذلك ليأتي هذا الرجل ويحبط العزائم ويثير اليأس في نفوسهم..
ناظم شاكر

كان شرط إيفرستو الأول هو عدم التدخل في قراراته كما أشرنا ليفجر مفاجأة ثانية بعد مفاجأته الاولى كانت بإستدعاء ناظم شاكر للمنتخب العراقي قائلا عنه:
أين هذا الأسمر الطويل الضخم الجثة المدافع صاحب الرقم 4 ؟؟ فأجابوه بأن ناظم شاكر محروم من اللعب للمنتخب لأكثر من سنة بقرار من الجهات العليا ..ضحك أيفرستوا قائلا بدون ناظم شاكر سوف لن أذهب للمكسيك ..وأضاف ناظم هو المدافع الوحيد الذي أعجبني من العراق من خلال متابعتي له في المباريات الخليجية والمباريات التي لعبها ضد قطر ...وهو مدافع من طراز عالمي ولا عجب بأن نادي مانجستر يونايتد الأنكليزي كان قد طلب التعاقد مع ناظم شاكر أوائل الثمانينات وهذ مانشر وقتها في مجلة الصقر القطرية ولكن الأتحاد العراقي بقيادة صباح مرزا آنذاك رفض الطلب بحجة أن اللاعب العراقي ليس للبيع ...وقد أغفلت الصحف العراقية ذكر الخبر بأمر من الجهات العليا ..وعلى هذا الأساس تم ارجاع ناظم للمنتخب..
...ومن تصرفات ايفرستوا بأنه قام بابعاد عدنان درجال من المنتخب بعد أصابته زمن معسكر الفريق في البرازيل أو المكسيك ولم يصاحب الفريق للكأس العالم في المكسيك بسبب أحساس أيفرستوا بأن عدنان بدأ بالتدخل بعمله ومحاولة التأثير على اللاعبين ...

وعند دعوة ناظم للمنتخب قام ايفرستوا فورا بتعيين مدرب لياقة خاص للاشراف على رفع لياقة ناظم شاكر من خلال ثلاثة وحدات تدريبية صباحا وعصرا ومساء ..والتدريب المسائي كان يتضمن تمارين الجري والمطاولة على الطريق السريع والذي يربط منطقة الدورة حيث يسكن ناظم شاكر ومنطقة بغداد الجديدة وكان يرافقه مدرب اللياقة ومساعده وسيارة نجدة مرافقة وكان شباب المنطقة يرافقون ويشاركون ناظم بالركض والتشجيع ونجح مدرب اللياقة بالفعل من إعادة جزء كبير من لياقة ناظم وبسرعة مذهلة ..ليكون ضمن الذاهبين الى مكسيكو...
خبير ألماني في بغداد

في أواخر نيسان حطت طائرة نادي شالكة الالماني برفقة الخبير الالماني الشهير المستر ديتر تراب الذي جاء الى بغداد بدعوة من الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم.. لتجري معه مجلة الرشيد هذا الحوار الصريح جدا والذي خلا نوعا من من مجاملة الضيوف ودبلوماسيتهم...
يقول ديتر تراب للرشيد.. هذه زيارتي الثالثة الى بلدكم، فقد جئت لالقاء دورة صقل للمدربين العراقيين..
*وما رأيك بالذين حضروا الدورة من المدربين العراقيين؟
-من شرائح مختلفة... البعض منهم كبير السن لايحمل ذرة من اللياقة البدنية ولايستطيع القيام بالحركات التدريبية المطلوبة، إضافة الى أن هناك اختلاف واسع بينهم في المستوى الفني وأختلاف كبير بالمستوى الثقافي.. العدد كبير والشرائح والاعمار والمستويات مختلفة لذلك لايستطيع أي محاضر القيام بواجبه والتركيز مع مثل (هؤلاء).. كان بودي وضع ضوابط أكثر للمشاركين في مثل هذه الدورات..
*نراك غير راضٍ عنهم ما السبب؟
-السبب واضح ياسيدي فهؤلاء سيتحملون مسؤولية كبيرة بتدريب الاشبال والناشئين في بلدكم أي بناء قاعدة كروية في العراق وتلك مسؤولية خطيرة جدا وأقولها بكل صراحة قد يبنوا اساسا خاطئا للكرة العراقية يكون مردوده سلبيا على تطورها في بلدكم الذي يضم قاعدة جيدة من الخامات الواعدة..
*نفهم من كلامك أن جميعهم فشل؟
-واحد فقط نجح هو عبد كاظم، فهذا الرجل طور نفسه كثيرا ووجدت فيه طفرات كبيرة في العلم التدريبي منذ أن التقيته لأول مرة عام 81 عن هذه المرة..
*هل أشرت نقاط الضعف والقوة بالمنتخب العراقي؟
-نقاط القوة لديكم تكمن في المطاولة والتكتيك ولاعبكم يتقن المبادىء الاساسية للعب ولكن للاسف ينقصه التوجيه الصحيح بالاضافة الى ضعف اللياقة البدنية.. لديكم أجواء مثالية بإمكانكم استغلالها ولكن للاسف....
*ماهي تلك الاجواء؟
-بلدكم متعدد المناخات فتجد الارض المنبسطة في بغداد والحرارة المرتفعة في الجنوب والرطوبة في البصرة والجو اللطيف والجبال الشاهقة في الشمال التي كان من الممكن استغلالها لاقامة معسكر تدريبي..
*لكننا أقمناه بالبرازيل؟
-أجزم لك بأن لافائدة منه مطلقا..
*لماذا؟
-لأن أجواء البرازيل ومناخاتها لاعلاقة لها بالمكسيك.. نصيحتي كانت أن يقيم العراق معسكرا في كولومبيا لأن جوها توأما لجو المكسيك..
*ما رأيك بمجموعة العراق؟
-مخطىء من يقول أنها سهلة.. فأصعب شيء على فريق في كأس العالم أن يقابل البلد الضيف، علما أن منتخب المكسيك لايتفوق كثيرا على منتخبكم.. اضافة الى تطور الكرة البلجيكية التي ارشحها من الان لتصدر المجموعة..
إذا وفي أوائل ايار/ مايو غادرت طائرة الوفد العراقي الى أهم حدث رياضي بالتاريخ وهو كأس العالم.. غادرت الاسرة الجميلة التي كوّنها إيدو وأسس لبناتها ليقطف ثمارها مدربا متشنج عنجهي اسمه ايفرستو.. لتحط بمطار مكسيكو ستي الرسمي ليتم استقباله رسميا ليعد العدة الى المونديال...
للتاريخ والذكرى
الواصلون الى المكسيك
رعد حمود (نادي الشرطة) – فتاح نصيف (نادي الجيش) – أحمد جاسم (نادي الرشيد)
باسم قاسم (نادي الشرطة) – غانم عريبي (نادي الشباب) – خليل محمد علاوي (نادي الرشيد) – سمير شاكر (نادي الرشيد) – ناظم شاكر (نادي الطيران / القوة الجوية) – جمال
علي (نادي الطلبة) - باسل كوركيس (نادي الشباب) – اسماعيل محمد (نادي الشباب) – حارس محمد (نادي الرشيد) – علي حسين (نادي الطلبة) – ناطق هاشم (نادي الرشيد) – شاكر محمود (نادي الرشيد) – معد ابراهيم (نادي الرشيد) -رحيم حميد (نادي الجيش) – كريم صدام (نادي الرشيد) –
عناد عبد (نادي الرشيد) – أحمد راضي (نادي الرشيد) – حسين سعيد (نادي الطلبة)...
ترقبو في الحلقة الاخيرة من ملف المكسيك..
إيفرستو يكشف عن وجهه الحقيقي منذ أول يوم لوصوله في المكسيك في الفندق!!!
هل عاش منتخبنا أجواء المكسيك العالمية؟
حلقة تاريخية لبرنامج الرياضة في أسبوع من المكسيك!!
منتخبنا بين الاخلاق العربية وأخلاق إيفرستو بعد مباراة البارغواي!!!
بلجيكا والمكسيك ومستوى المنتخب فيهما!!
متى أدرك لاعبونا أنهم في كأس العالم؟؟
مصادر ومراجع هذه الحلقة:
1- لقاء شخصي بين الكاتب والكابتن شاكر محمود في ملعب الكشافة بتاريخ 6 آذار 2008..
2- مراسلات واستفسارات مع اللاعب الدولي السابق العضو (الحجي 17)..
3- جريدة البعث الرياضي بأعدادها السبعة والثلاثين (لشهري آذار ونيسان واوائل ايار 1986)..
4- مجلة الرشيد عدد خاص عن المنتخب الوطني وكأس العالم (العدد 22 الصادر بتاريخ 16 ايار 1986)..
5- مجلة الوطن الرياضي وسلسلة مقالات عن المنتخب العراقي وإيفرستو..
6- جريدة الشُعلة الرياضية..
7- جريدة الرياضي..
8- مجلة الرياضيب العربي الكويتية
شكر وتقدير: الى الاخوة الكرام الكابتن شاكر محمود لاعب المنتخب العراقي في مونديال المكسيك على إسهامه في إغناء الحلقتين الاخيرتين من هذا البحث بمعلومات قيمة كونه أحد شخوص الحدث... والى الاخ ماجد حميد عضو الهيئة الادارية لنادي الكهرباء والى الاخ زياد المهاجر لمساهمتهم في إغناء هذه الحلقة وشكر خاص الى الاخ العزيز المثابر الحجي 17 لاغنائنا بالاسرار ومساهمته الفعالة بنجاح هذه الموسوعة والى الاخ الرائع علي النعيمي على المتابعة المستمرة واسداء النصح...