مدينة مطماطة هي مدينة تونسية تابعة لولاية قابس، وتبعد حوالي 378 كيلومتر عن جنوب العاصمة تونس، يطْلق عليها التونسيين اسم الحوش الحفري، وما يزال التونسيون يسكنوها حتى يومنا هذا؛ فقد بلغ عدد سكانها حوالي 500 نسمة، وأغلب سكانها من البربر الأمازيغ وهم شعوب تسكن في المنطقة الممتدة من واحة سيوة إلى غرب المحيط الأطلسي ومن شمال البحر المتوسط إلى جنوب الصحراء الكبرى، ويتحدثون اللهجة الأمازيغية، إضافةً إلى اللغة الرسمية العربية . يعود تاريخ مدينة المطماطة إلى أكثر من 400 عامًا مضى، ويُقال أن مطماطة هي عبارة عن اسم قبيلة بربرية قديمة، كان يسكنها الأمازيغ ولكن تعرضوا للمُقاتلة والهجوم من قِبَل قبيلة بني هلال ولم يستطيعوا مواجهتهم أو التغلب عليهم، فلجأوا إلى الهجرة والانتقال لمنطقة في جنوب تونس وكانت هذه المنطقة وعرة وجبليّة وبالتالي مناخها بارد جدًا، ولكنّهم تغلبوا على ذلك وتأقلموا مع طبيعتها الجغرافية والمناخية؛ فبنوا وحفروا مدينة كاملة تحت باطن الأرض، وبذلك لا تستطيع قبيلة بني هلال الوصول إليهم، ويكون المناخ فيها رطبًا في الصيف ودافئًا في الشتاء، وبعد مدة من الزمن غادر معظم السكان مدينة مطماطة القديمة وانتقلوا إلى البيوت الإسمنتية في مطماطة الحديثة، ولكن ما يزال الكثير منهم يتمسكون في عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم الأمازريغيّة.
وتُساعد الفنادق والنُّزل السكنية الموجودة في المنطقة على زيادة المدينة جمالًا، فهي عبارة عن مجموعة من الحفر المنحوتة التي تربط بينهما أنفاق طويلة وممتدة من أشهرها: فندق مرحلة المقام عام 1961 ميلادي، وفندق إدريس الذي صُوّر فيه الفيلم الأمريكي الشهير حرب النجوم عام 1970 ميلادي والذي ساعد على شهرة المدينة وبالتالي زيادة عدد زوارها. يستقبل سكان المدينة الزوار والسائحين الوافدين إليها من شتى أنحاء العالم، والذين يتجوّلون في بيوتهم ويصورون أمور حياتهم اليومية بسعة رحب وحرارة استقبال دون دفع أي مقابل مادي؛ إذ يرى أصحاب المنازل أن بيوتهم ليست متحفًا لفرض رسوم ومبالغ لدخولها، لكن الزوار عندما يرون هذا الاستقبال الحار يُكرموهم بوضع مبلغ من المال في وعاء موجود في كل بيت فوق جرّة عند باب الخروج من البيت.
العمارة في مدينة مطماطة
تتميّز مدينة مطماطة بأنها مبنية كاملة تحت الأرض في حفر غائرة ومنحوتة داخل الصخور الرملية، ومنازلها ذات طابع مميز أيضًا؛ إذ تتكون المنازل من ساحة كبيرة دائرية الشكل ومحفورة في الأرض بقطر من 15 إلى 30 قدمًا، وتُساعد هذه الساحة على تجديد وتنشّيط الهواء النقي في المنزل، وتُستخدم أيضًا لقيام العائلة بالعديد من الأنشطة اليومية والجلسات الاجتماعية، ويتفرع منها أنفاق واسعة وفائقة الجمال تؤدي إلى غرف عديدة مثل غرف النوم، والطبخ أو الأكل، وغرف المعيشة.
كانت مدينة مطماطة منسيّة ولا يعرف عنها أحد ولا حتى عن وجود المستوطنات والبيوت المحفورة في باطن أرضها مع أنها من المدن المميزة وفائقة الجمال حتى عام 1967؛ إذ تساقطت الأمطار الغزيرة في تلك السنة بحيث غطت المدينة كاملة لمدة 22 يومًا، فما كان منهم إلا البحث عن المساعدات من قبل السلطات المعنية بذلك، وبالفعل حصلوا على المساعدات اللازمة لإعادة ترميم منازلهم، وإنشاء مدينة مطماطة الحديثة المُقامة فوق الأرض.