
الببر القزويني

الببر القزويني أو الببر الفارسي (الاسم العلمي: Panthera tigris altaica)
كان أقصى جمهرات الببر السيبيري انتشارا نحو الغرب، فقد كان ينتشر في إيران، العراق، أفغانستان،
تركيا، منغوليا، كازاخستان، القوقاز، طاجكستان، تركستان وأوزبكستان إلى أن انقرض في
أواخر الخمسينات من القرن العشرين كما يظهر، إلا أن هناك البعض من المشاهدات العينية
التي تفيد بأن هذا الحيوان لا يزال يعيش في بعض المناطق النائية. ومن الأسماء الأخرى
لهذه الحيوانات «النمر المتنقل» الذي كان يعرفها به شعوب القزاق بسبب عاداتها في تتبع قطعان طرئدها المهاجرة.
أظهرت دراسات سابقة أجريت على بقايا ببور قزوينيّة، أن هذه السلالة (كما كانت تعتبر حينئذ)
ذات تاريخ مشترك مع السلالة السيبيريّة (الببر السيبيري) أي أنها وبتعبير أخر تشاركها النسب،
حيث يظهر أن الببور القزوينية استوطنت آسيا الوسطى منذ حوالي 10,000 سنة
ومن ثم أخذت بالتحرك شرقا إلى آسيا الشمالية حيث تطوّرت إلى السلالة السيبيرية.

الوصف

كان الببر القزويني أصغر حجما من أفراد الجمهرة الشرقية (الببور السيبيرية) والسلالة البنغالية،
حيث كان مكتنز طويل الجسد ذو قوائم قوية وكفوف مفلطحة ومخالب ضخمة بشكل غير اعتيادي بالنسبة للببور.
وامتلك هذا الببر أذان قصيرة وصغيرة تعطي للناظر إليها مظهرا يوحي بأنها عديمة الشعر على الأطراف،
كما وكان فراؤه طويلا جدا وكثيفا على طول الجسم وبشكل خاص عند الوجنتين، أما بالنسبة للون
فقد ماثل لون الببر البنغالي وقد أظهرت إحدى عينات الجلد من المتحف البريطاني لونا ذهبيا ضارب إلى الصفار
على طول الظهر والجانبين. وكان لون الجانبين أبهت من لون الظهر كما اختلفت أنماط ألوان الخطوط
من البني الباهت إلى القاتم، بينما كان لون الصدر والبطن أبيض ذو خطوط صفراء كما الوجه
المخطط بخطوط بنية على الجبهة والملطّخ ببقع واضحة بيضاء اللون حول العينين والوجنتين.
و كانت القوائم صفراء اللون على القسم الخارجي وبيضاء على القسم الداخلي بينما كان الذيل أصفرا
ومخطط بخطوط بيضاء ضاربة إلى الصفار، وفي الشتاء كان معطف الببر القزويني ينمو ليصبح
طويلا جدا لدرجة أن هذه الحيوانات كان ينمو لديها لبدة ضخمة على المعدة وأخرى قصيرة على
مؤخرة العنق. كانت ذكور الببر القزويني ضخمة جدا حيث كانت تزن ما بين 169 و240 كيلوغراما
بينما كانت الإناث أصغر حجما حيث كانت تصل زنتها إلى ما بين 85 و135 كيلوغراما.

العادات والتناسل

أعتبرت الببور القزوينية حيوانات انعزالية معظم أوقات السنة حيث كانت لا تختلط مع غيرها
من الببور سوى في فترة التزاوج التي كانت تحصل في أي وقت من السنة إلا أن الذروة
كانت تقع خلال الشتاء أو الربيع وتمتد لعشرين أو ثلاثين يوما، وإن لم تتزاوج الأنثى خلال
هذه الفترة فإنها كانت تعاود الدورة النزوية في وقت لاحق. امتدت فترة حمل الأنثى قرابة 100 يوم
ومن ثم كانت تلد جروين أو ثلاثة جراء عمياء لا تفتح عيونها إلا بعد عشرة أيام من ولادتها،
وكانت الأم كجميع إناث السلالات الأخرى تقوم بتربية جرائها وحدها وترضعها لثمانية أسابيع
ولا تخرجها من العرين قبل بلوغها أسبوعها الثاني. وتبقى الجراء تعتمد على أمها حتى بلوغها
أسبوعها الحادي عشر أي عندما تستطيع الصيد بمفردها، وكانت إناث الببر القزويني لا تحمل
إلا كل 3 أو 4 سنوات مثل باقي السلالات أي الفترة التي تصبح فيها الجراء مستقلة عن والدتها.
كان أمد حياة الببر القزويني يمتد ما بين عشرة وخمسة عشر سنة
الإنقراض

بدأت جمهرة الببور القزوينية تظهر تراجعاً منذ منتصف القرن التاسع عشر
عندما قتلت بضعة ببور في موقع يبعد 180 كيلومتراً عن منطقة أتبسار في
كازاخستان وقرب بارنول في روسيا، ومنذ ذلك الحين أخذت الببور القزوينية
تتناقص شيئاً فشيئاً في العديد من الدول، فقتل آخر ببر قزويني في العراق قرب
الموصل سنة 1887 وتبعه سنة 1899 الببر القزويني الأخير في الصين قرب
مصب نهر لوب نور في إقليم إكسينجينغ. وبحلول العشرينات من القرن العشرين
كان الببر القزويني قد اختفى كلياً من منطقة مصب نهر تاريم في الصين، وفي
سنة 1922 قتل آخر ببر في القوقاز قرب تبليسي في جورجيا بعد أن إصطاد إحدى المواشي
المستأنسة، ويعود أخر تقرير عن مشاهدة عينيّة للببر القزويني قرب بحيرة بالكاش في الصين إلى سنة 1948.
قامت الحكومة الروسية خلال أوائل القرن العشرين وعند قيامها بمشروع لاستصلاح
الأراضي ببذل مجهود كبير للقضاء على الببور القزوينية حيث اعتبرت أن وجودها
يعتبر معرقلاً لتنفيذ المشروع وهكذا أصدرت أوامرها للجيش الروسي بقتل جميع الببور التي
تقطن المنطقة المحيطة ببحر قزوين، وقد نفذ هذا الأمر بنجاح. وما أن اكتملت إبادة الببور
حتى انتقل المزارعين إلى المنطقة وقاموا بإزالة الغابات وزرع المحاصيل الزراعية
بدلا منها مثل الأرز والقطن، وقد أدى هذا الاستصلاح بالإضافة إلى عمليات التحطيب
والصيد إلى تراجع الببور القزوينية من الأراضي المنخفضة الخصبة إلى غابات الهضاب
ومن ثم إلى الأراضي السبخة وبعض أحواض الأنهار الكبيرة وإلى الجبال أخيراً إلى
أن أعتبرت منقرضة بشكل مؤكد تقريباً. وكانت منطقة تيغروفايا بالكا هي الموقع
الأخير في الإتحاد السوفياتي السابق التي تواجد فيها الببر القزويني وقد استمرت التقارير حول
المشاهدات العينية لهذا الحيوان في تلك المنطقة بالورود حتى منتصف الخمسينات، إلا أن مصداقيتها مشكوك بأمرها.
وتفيد بعض التقارير أن آخر ببر قزويني في إيران قتل في شمال البلاد أو في منتزه
غولستان القومي خلال سنة 1959 وكان هذا يعتبر آخر الببور القزوينية الأصيلة من المنطقة،
إلا أن بعض التقارير الأخرى تفيد أن أخر الببور القزوينية قتل في الصين قرب حوض
نهر ماناس في جبال تيان تشان خلال الستينيات من القرن العشرين. وقد وردت إفادة
عن إحدى المشاهدات العينية الغير مؤكدة من منطقة نوكوس حيث الفروع السفلى
لنهر آمو داريا قرب بحر آرال سنة 1968، ووردت تقارير أخرى عن اختفاء هذه
الحيوانات كلياً من منطقة الحدود التركمانية الأوزبكستانية الأفغانية خلال أوائل السبعينيات،
كما زُعم أنه تم توثيق عملية صيد لإحدى هذه الببور في تركيا سنة 1970، حتى أن
أحد التقارير تفيد أن آخر ببر قزويني قتل في شمالي أفغانستان سنة 1998.

|