ليلة أخرى تقضيها لوحدها وسطَ هدوء صاخب !
تتكوَّرُ في سريرها، تضمُّ صغيرها، تلعبُ بشعره الأسود، تشمُّه بحنان ، باحثةً عن رائحة والدِه؛ زوجها ، لا تجدُ شيئًا منها.
لارغبة لها في النَّوم، وهو بعيد ...
تنهض بخفَّة من مكانها، تقصد مكتبها، تحمل مفكِّرتها وقلم رصاص تشتهي الكتابة به دوما، ثم تعود لسريرها
تستلقي ، وتبدأ البوح ...
~
الجزء الرابع عشر ، أو الليلة الرابعة عشر من دونك منذ بداية الشتاء !
بماذا أُعنونُ هذا الفصل ؟
لايهم ...
بل الأهم أن المطر يُغريني بالكتابة عنك على غير توقُّع أو تخطيط .
سكون الليل تخترقه قطرات المطر وهي تسقط على نافذتي، فيهتزُّ "رائد" بين يديَّ كقشة،
ماذا عن هزّاتي أنا ؟ ....مِن دونك !
هل تساءلتَ عن مقدار الألم الذي يُخلِّفه الفراغ من ورائك !
...
أخبرتكَ ألف مرة سابقًا أني لا أريد حياةً عادية، بل أريد حياة يملؤها الشّغف والتوهج .
أنا حزينة...حزينة معك ومن دونك ،
لأنكَ لست كما كنت ...لست كما أنت !
إنك ترتدي وشاحًا لم تنسجه يداك، لم تختره بذوقك !
وشاح فرَضه عليك الزمن ...
...
أصبحتُ أخاف السكون الذي يملأ بيتنا كل ليلة رغم شغب "رائد " .
اِنتظر ... فهناك ما يقطعُ سكوني الليلة، مطرٌ ...و...
صيحات عالية ، صراخ وبكاء ...
أضع قلمي ، أغادر فراشي مذعورة، أتصنَّت وأنا غير راضية عن فعلي هذا ،
إنّها جارتنا، تبكي و تنتحب، و زوجها يصرخ و يشتم ...
أقتربُ أكثر من الباب الخارجي لأحدِّدَ مصدر الصوت ، أريد أن أعرف مَن مِن الجارات تعاني أيضا ؟؟؟
لا أُفلِح في هذا، فدقات قلبي و خوفي يحجب عنّي كل رؤية !
أعودُ لسريري، وأكمل كتابتي ...أبتسمُ، نعم أبتسمُ لأني سمعتُ جارتي تبكي !
ليس حقدا أو شماتة، بل بسبب ما عرفْتُه ، فقد
عرفتُ أني لست الوحيدة في الحُزن !
لستُ الوحيدة التي تبكي ...بحرقة .
لستَ سيئا لوحدك، فالجميع هنا يُبكي امرأته .
إنه الوشاح...الوشاح الذي ترتديه ...تيقَّنتُ من ذلك .
لن ألومك بعد الآن .
~
تستيقِظُ صباحا، يلتقطُ بصرها حلُمًا في وضح النهار !
زوجها نائم في الجهة المقابلة يحضنُها و "رائد" يتوسطهما !
لم يفعل هذا قبلاً ! لقد اعتاد النوم في الصالون ...
ماالذي تغيّر ؟
....
مِنْ خلفه تلمح مذكرتها مفتوحة على الصفحة التي كتَبَتْها بالأمس،
شهقت : هل قرأها ؟ بل أكيد قرأها !
أ تُراه استوعب حروفي وشهقاتي ؟
تلتقطُ المفكّرة بخفَّة وتختم تلك الصفحة بــــ :
اكتمل الجزء الرابع عشر على بَسمة ورقصة فرح !
تمت ^^