كانت العقوبة في العصور القديمة الصورة الأولى للجزاء الجنائي، لكن سرعان ما تبين أن
هذا النمط من الجزاء لا يمكنه تحقيق غرض المجتمع من توقيع العقاب، والمتمثل أساسا في منع
ومكافحة الظاهرة الإجرامية باعتبارها حتمية في حياة المجتمع و احتمالية في حياة الفرد، لذا فقد
كشف التطور العلمي الحاصل في أواخر القرن التاسع عشر لا سيما ما تعلق منه بالنتائج المحققة
من
طرف رواد المدرسة الوضعية، و المتمثلة في إيجاد نمط آخر من أنماط رد الفعل الاجتماعي ضد
الجريمة ألا وهو التدابير.
وفي بداية القرن العشرين ظهر مفهوم الدفاع الاجتماعي المؤسس على فكرة مناهضة المجتمع
لمرتكب الجريمة، الأمر الذي أوجب ضرورة تغيير النظام العقابي التقليدي، الذي كان منصبا على
توجيه الاهتمام بالجريمة دون المجرم، هذا الأخير أصبح محور اهتمام مدرسة الدفاع الاجتماعي
باعتباره إنسان أخطأ نتيجة لعوامل بيولوجية، اجتماعية، أو نفسية، وعلى المجتمع عند مواجهته
للجريمة أن يتوخى إصلاحه خلال مرحلة التنفيذ العقابي، وبصفة أساسية في العقوبات السالبة
للحرية، التي تعتبر المناخ الأنسب لتحقيق هذا الهدف، حيث تكون الفرصة متاحة لإعادة تأهيل
المحكوم عليه من خلال أساليب المعاملة العقابية.
ولأجل الوصول إلى الأهداف المرجوة من تطبيق الجزاء الجنائي المرتبطة أساسا بمفهوم العلاج
العقابي، ظهرت فكرة التدخل القضائي في مرحلة التنفيذ، و يعتبر هذا الاتجاه ثورة حقيقية في
التشريع الجنائي المعاصر