السينما الكلاسيكية والتي تعاني من كثرة الغبار في شرائطها وبكراتها الدائرية هي كنز عظيم لفن يعتبر من اهم واكمل وافضل انجاز اخترعه عقل البشر من غياب الاهتمام الجماهيري وليس فقط الجماهير وحتى ان الاهمال الان اصبح نخبويا وقلة قليلة من النخبويين من يهتم له ويحملون على عاتقهم اعادة احياءه من مكتبات السينما ولترى مجددا للأجيال الجديدة , وهذا شيء محزن لابد من ان نعود باجيالنا الى الوراء ليشاهدوا السينما وهي اضعف امكانياتها الماديه وهذا صحيح لكن ايضا يشاهدوها بأجمل ما يمكن من حيث الابداع الفني , ولأن السينما تتطلب كثيرا من التضحيات وكثيرا من المحاولات والاهم من هذا وذاك عنصر "الموهبة الخلاقة" انها الاحساس بقيمة هذا الفن واعتباره بالدرجة الاولى كفن وليس وسيلة تجاريه ومالية وحسب!! أنا اتحدث عن من جعل السينما كما هي اليوم اتحدث عن من قدم الثورة السينمائية بكل معانيها الذين وضعوا القواعد الاساسية السينمائية التي نعتمد عليها في عصرنا ونقلدها ونستفيد منها لنصنع فلما سينمائيا لولاهم لظلت السينما مسرح الفرق هو تواجد كاميرات وحسب!! , السينما بفضلهم اصبحت فنا مستقلا بذاته وهم بالتحديد ابناء عصر السينما الصامتة التمثيل الحقيقي وليس الاصطناعي المشاعر الصادقة وليست الزائفة لقد قدموا للعالم معنى الفن الذي يتحدث عن الإنسان وهمومه وصراعاته في الحياة التي يعيشها , قائمة طويلة من الاسماء منهم المخرج الامريكي جريفث والألماني مورناو والألماني الآخر فريتز لانغ والدنماركي كارل ثيودور دراير وبلا شك ان من بين هؤلاء وربما هو أكثرهم تأثيراً المخرج العبقري والعظيم السوفييتي "سيرجي ايزنشتاين".
إن ايزنشتاين يعتبر هو أبو المونتاج السينمائي ولا يكاد يذكر كلمة مونتاج الا وايزنشتاين يكون جزءاً منه فعلى يديه نهضت ثورة المونتاج ففلمه مدرعة بوتمكين يتحدث عنه على انه اعظم واهم مونتاج سينمائي على الاطلاق نظرا لكونه اثر بصناعة السينما حتى يومنا هذا المونتاج مايزال يحتذى به حتى يومنا هذا من خلال مدرعة بوتمكين , ان ايزنشتاين عبقريته ليست في مجال السينما والاخراج وصناعة الافلام وحسب بل انه يعتبر من اهم نقاد السينما ومنظريها وكتبه لابد لكل ناقد ان يقرأها ويطلع عليها ليكون منها معرفته الواسعة بمفهوم النقد السينمائي فقد قدم ايزنشتاين مذكرة خاصة طرح فيها همومه السينمائية وصعوباته التي واجهها في التصوير لأي فلم وقدم بها السينما وكيفية صناعة الافلام وافكاره الخاصة في تلك الصناعة , واصبحت كتبه من اهم مواد السينما وكسب اساليب التعلم , لكن قبل ان يقوم ايزنشتاين بثورته الكبيرة بفلمه مدرعة بوتمكين انا لدي وجهة نظر مغايرة فهو في بداية مسيرته قدم فلما قصيرا مدته 5 دقائق اسمه Glumov's Diary 1923 طبعا لن يكون ناجحا كما هو الحال مع جميع الثوريين في بداية افلامهم القصيرة , لكن بعام 1925 قدم ايزنشتاين اول افلامه الروائية الطويلة وهو 1925 strike .
بهذا الفلم لاحظت ان ايزنشتاين فعل به كل شيء!! المونتاج والسرد وكل شيء يخص السينما وجدته في ذلك الفلم بشكل اعظم مما رايته في مدرعة بوتمكين لقد اجاد ايزنشتاين في هذا الفلم الموسيقى التي بصريح العبارة اعظم موسيقى سمعتها حتى الان في السينما الصامتة بهذا الفلم اثبت ذلك الشاب الذي يبلغ من العمر 27 عاما فقط انه مخرج ذو موهبة عظيمة افلام ايزنشتاين دائما عن معاناة العمال عن الثورات الانسانية المطالب الحقوق تؤخذ ولا تعطى , في هذا الفلم strike قدم ايزنشتاين معاناة العمال الروس وقدم ايضا هجومه الشديد على الرأس المالية الفردية المطلقة في عالم الأموال , الساسة الجشعون غياب العدالة الاجتماعية وبهذا جعل العمال يأخذون حقوقهم بأنفسهم عن طريق ثورة عارمة خاضوها ضد التجار لكن ايضا نرى ان التجار استخدموا وسائل اخرى لايقاف الثورة العمالية وسائل بشعة جدا , ومن خلال الفلم ايزنشتاين قدم به ثورة السينما الاولى فعلا على يد هذا الفلم يجب ان تكون معنى الثورية او على الاقل له السبق في كل ذلك ايزنشتاين جعل الصورة هي خامته التي يتسخدمها في الفلم الصور تتغير بوجوه الشخصيات على الدوام نلاحظ ان الرجل يصبح ذئبا وكلبا واي حيوان اخر مع جو صاخب من الاثارة الدرامية الانسانية انها اجواء تحبس الانفاس للغاية , الاخراج وما ادراك ما الاخراج في هذا الفلم كل لقطة نجد ان ايزنشتاين يسرعها في التصوير كما انه يجري بسرعه والتنقل اسرع بين المشاهد ونلاحظ من خلال الاخراج الصورة البصرية الرائعة للفلم , اللحظات الانسانية التي حفل بها الفلم مثل لقطة اسقاط الصبي من الدور الثاني ولقطة النهاية الموجعة ولقطة وفاة احد العمال من اثر ظلم سافر تعرض له واتهامه اتهاما باطلاً , ان ايزنشتاين قدم افكاره الثورية بهذا الفلم محاربة كل شيء يخص الحقوق المسلوبه من الشعوب وبهذا الفلم تحققت امانيه والفلم فعلا مثال عظيم للإنسانية والثورة في كل مناحي الحياة وفي كل مجالات السينما بمفهومها الواسع , فلم لم يظل صامدا لاكثر من 90 عاما الفلم رغم ذلك يصبح اكثر عظمة مع مرور الوقت انه فلم لا ولن يموت مهما طال الزمن .