Bridge Of Spies 2015....دراما تاريخية لإبراز مثالية الولايات المتحدة
آخر
الصفحة
Othman Kuroko

  • المشاركات: 70249
    نقاط التميز: 16909
نائب رئيس نادي الدراما والرومانس
مشرف سابق
Othman Kuroko

نائب رئيس نادي الدراما والرومانس
مشرف سابق
المشاركات: 70249
نقاط التميز: 16909
معدل المشاركات يوميا: 18.8
الأيام منذ الإنضمام: 3743
  • 14:19 - 2016/01/25

السلام عليكم ورحمة الله تعالى
 
انتهى عام وحلّ عامٌ جديد, ورغم احتواء السنة الفارطة على أعمال قليلة مُقارنة بما شهدناه
سنة 2014 إلّا أنّ لها حسناتها, حسناتٌ تمثّلت في بضعة أعمال أعادت بعض الهيبة للسينما وشعورنا
بأننا نعشقها, أحد هذه الأعمال من تقديم الأسطورة ستيفن سبيلبرغ, بعد اختفاءه لمدة ثلاث سنين ها نحن نراه يُشارك
بفيلم تاريخي جديد, وربما ترى الأغلبية أنه ليس من أفضل أعماله, ورغم ذلك يبقى من أهمّ أفلام 2015 وأقواها.
المراجعة التالية قد تبدو مختلفة عن مراجعاتي السابقة من حيث طريقة التقديم, اخترتها اقتداءً بالكُتّاب المُميّزين الذين صاروا
لدينا بهذا المنتدى
 
 
اسم الفيلم : Bridge of Spies
 
اسم الفيلم باللغة العربية : جسر الجواسيس
 
إخراج : ستيفن سبيلبرغ
 
سنة الصدور : 2015
 
بطولة : توم هانكس, مارك رايلانس, إيمي رايان, ألن ألدا
 
 
 
 
لأكون صادقا, أنا لم أسمع الكثير عن الفيلم الذي كتبت عنه, أقصد أخباره التي طُرحت بالمنتدى وعروضه الدعائية الخ, وكل ما سمعته
عن مشروع ستيفن سبيلبرغ القادم كان يدور عن فيلم الخيال العلمي Ready Player One والذي بدأ العمل عليه في النصف الثاني من
السنة الماضية, وتقرّر إطلاقه في صالات العرض بتاريخ 15 ديسمبر عام 2017 ! وكنت أقول في نفسي إن مُدّة طويلة ينبغي انتظارها
لرؤية الفيلم وخلالها سأصبر وأنتظر على أحرّ من الجمر لأشاهد عملاً جديداً من إخراج العظيم ستيفن سبيلبرغ الذي يُضرب به المثل في
عالم الإخراج
 
فجأة أسمع من أحدهم أن لسبيلبرغ عملاً سيصدر سنة 2015!, فيلم يندرج في فئة أفلام الحرب الباردة ذات الطابع المثير, والجميع
ينتظرون صدوره, لا سيما أن بطله هو توم هانكس, والأخوين كوين هما كاتبي نصّه, ومبدع موسيقاه هو توماس نيومان وفجأة
اندهشت وبعدها صرتُ قلقاً, اجتماع كهذا لابد أن يكون لحرب, وهو بالفعل كذلك, لكنهم على عكس أطراف حرب فيلمهم الباردة لا
يخفون مراكز قوتهم. لا تدعوا عنوان الفيلم يخدعكم, وكونوا متأكّدين مما أنتم مقبلون على خوضه في هذا الفيلم عندما تقرّرون
مشاهدته, فجسر الجواسيس يُقصد به حرفيا جسر جواسيس الحرب الباردة, حيث كانت تحصل مبادلة جواسيس السوفييت و
الولايات المتحدة الأمريكية خلال المفاوضات بين طرفي القطبية الثنائية
 
 
 
القصة
 
انتهت الحرب العالمية الثانية لكن حرباً أُخرى ما تزال مشتعلة, حربٌ غير معلنة لأن طرفاها لا يستعملان الأسلحة التقليدية للفوز ضد
بعضهما, بل يستخدمان الجواسيس لخوضها, وطرفا هاته الحرب هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي, واسم معركتهما كما
دوّنتها كتب التاريخ هي الحرب الباردة, والهدف منها ومن وسيلتها هو النيل من مراكز قوة الآخر وخاصةً النووية للتخلص من أي تهديدٍ
مستقبلي.  "جيمس دونوفان”(توم هانكس) محامٍ أمريكي تم تكليفه بالدفاع عن جاسوس روسي يُدعى "رودولف آيبل”(مارك رايلانس)
والذي تم القبض عليه داخل الأراضي الأمريكية, وهذا التكليف جاء بشرط, وهو ضرورة ظهور هذه المحاكمة ومراحل خوضها بطريقة
عادلة, ، إلا أن "دونوفان” يأخذ الأمر على محمل الجد أكثر مما ظن من كلفوه بالقضية
 
 
السيناريو

"مات تشارمان” "جويل كوين” و”إيثان كوين” هم من كتب نص الفيلم، وبالنسبة للكثيرين من مُتابعي السينما فوجود الأخوين كوين
ككاتبي سيناريو لفيلم ما يعني أنه يستحق الاهتمام والمُشاهدة, وكما رأيت بالفيلم فقد حقّقوا انسجاماً وتوازناً واضحين بين عناصره,
موهبتهما ممزوجةً بالخبرة نتج عنها نص مُترابط ضمن لهما ترشيحاً لجائزة أوسكار عن أفضل نص, حُسن بناء الشخصيات يمنح كل واحد
منها اهتماماً خاصّاً من طرف المُشاهدين , حتى أنّك لتجد بينها من يستحق مكاناً في الذاكرة، ولا أريد الخوض في حديث عن من أعجبني
وإلّا فسيكون حديثاً طويلاً, ترتيب الأحداث الدقيق والمُعدّ بعناية يمنح الإحساس الذي نفتقده عادةً في الأفلام المبنية على أحداث حقيقية
وهو أن نشعر أن تلك الاحداث حقيقية ومنقولة من الواقع ( مهما كان مريراً ) ,مما يجعلك لا تتسابق مع الكتاب إلى المشهد التالي، بل
وتستمتع وتتأثر بكل مشهد مهما بلغت مدته أو مُدّة حواراته.
هناك الكثير من الكلام, لكنه كلام ذو مغزى, فهذان هما الأخوان كوين وليس تارانتينو sample image. كما أن أقلامهما قد سمت بالحوارات العبقرية
مضيفةً إليها لمسات ذكية خفيفة الظل قادرة على جعل الكوميديا جزءاً من روح القصة وليست دخيلةً عليها، كما يزيدون بها الإثارة
 
الإخراج
 
معروفٌ عن سبيلبرغ قُدرته على تقديم أعمال خالدة تُدهش مشاهديه وتجعل أنفاسهم لاهثة, وذلك ليس لأن تكوين صورته
هو ما يجعل المَشهد ناطقاً, بل هو زاوية رؤيتها, وطريقته في تقديمها لنا كمُشاهدين, فهناك في لقطاته, والتي تلتقطها كاميرا ذات
إيقاع انسيابي, نرى مَشاهد ظهور الشخصيات واختفاءها بشكل طبيعي أصيل تتابعه عيوننا, مما يجعل المرء يستبعد كون هذه المَشاهد
قد تم إعدادها وتصميمها من طرف رجل
إن تقديم مشهد سينمائي أخّاد هو من أعسر المهامّ التي يواجهها المخرج في عمله على فيلم, لكن الأمر ليس عسيراً على عبقري
محترف مثل ستيفن, وها نحن نراه يتفنن مُجدّداً بهذا الفيلم كما تفنّن سابقاً في فيلمي قائمة شيندلر وإنقاذ الجندي رايان, أنا واثق أن لدى
سبيلبرغ موهبة فطرية مكّنته من تجاوز الصعوبات التي حطّمت غيره, فقد تكون قصص بعض الأفلام عظيمة, بشخصيات وحوارات ممتازة,
لكن الإخراج الركيك ينسف كل شيء بها, ولا حاجة لأمثلة توضيحية فالخيبات السينمائية كثيرة وبعضها يحتلّ مكاناً بقائمة Top 250 بimdb
 
ولو أنّ مخرجاً آخر قد تولى إخراج جسر الجواسيس هذا مع نصٍّ للأخوين كوين لكان الفيلم تحفة, فقط بعض التقدير يفي بالغرض لنرى
دراما تاريخية في المُستوى, لكن وبما أن مُبدعاُ هو من يتولى الإخراج فقد وجب أن نرى لمسته عبر الكاميرا
التتالي الجميل الذي تسلكه كاميرا سبيلبرغ وطريقة تسجيلها اللقطات تجعل المُشاهد يعيش اللحظة المُصوّرة, توتّراتها, تغيّرها, لقطة بلقطة,
يبقى المُشاهد في خضمّ متابعة ما يجري للبطل, ولباقي الشخصيات, أنا نفسي ظللت أراقب ملامحهم وأفهم من خلالها قوة المَشهد و
مدى أهميته, هنا يجب الثناء على قدرة أخرى لدى سبيلبرغ, وهي حُسن استغلاله للطاقم التمثيلي الذي يعمل رفقته, فهو يجيد تحصيل
زبدة إمكانياتهم إن صحّ التعبير
 
التمثيل
 
بطل الفيلم هو توم هانكس, وقد كنت في شوق شديد لرؤيته منذ فيلمه الأخير " القبطان فيلبس", أريد رؤيته لأرى كم سيتألّق
مجددا بهذا الفيلم, وتوقّعاتي لم تخب إطلاقا, فأداءه الممتاز كان عامل جذب الأنظار بمختلف محطّات الفيلم (كما هي عادته
في الأفلام التي لعب بطولتها) , مارك رايلانس يُبهر الجميع بأداءه الذي لا يُشقّ له غبار ويجعله نجم كل لقطة يظهر بها
وباقي أداءات فريق العمل جيدة, تصوير خلاّب من المبدع يانوش كامينسكي ورؤية عمله مختلطاً مع إنجازات سبيلبرغ
بالعمل هو الإبداع بحدّ ذاته, لقد جعلوني أعيش الفيلم وأحداثه طوال ساعتيه, توماس نيومان يسحر مُشاهديه بموسيقاه الدافئة, و
التي أضفت أجواء ساحرة على الأحداث التي تفنّن سبيلبرغ في تقديمها
 
رأيي الشخصي عن الفيلم, وخاتمة
 
يجب أن أضع منظوري عن هذا العمل, عن فكرته ومُحتواه, وأرى أن ذلك من الأفضل أن يُوضع في النهاية, هذا فيلم
درامي تاريخي يروي أحداثاً مُقتبسة عن الواقع, وكونه كذلك فكل ما حصل به قد حصل أيضاً على أرض الواقع, فالفيلم
عبارة عن تناول درامي وقانوني لقضية جاسوسية بدأت وقائعها مع العام 1957, وهنا أريد عرض مقطع من أحد الحوارات بالفيلم
يلخّص العنوان الذي اخترته لموضوعي


- الآن، لديهم جاسوسنا هناك (باورز) رجل بارع، ولكن رأسه مليئة بعلومات سرية
- ورأس (آيبل) مليئة بمعلومات سرية أيضًا, لكنه لم يتحدث بكلمة
وخذ هذا مني، يا سيدي, لن يتحدث
 
(مقطع من حوار دار بين جيم دونوفان ومسؤول أمريكي عندما تناقشا حول الأسير الروسي ونظيره الأسير الطّيار الأمريكي لدى السوفييت)
 
كما يعرف الجميع, فالولايات المتحدة الأمريكية لها سوابق لا تُعدّ ولا تُحصى في مجال استخلاص المعلومات من الأسرى
والتفنن في تعذيبهم وإذلالهم, فكيف نسمع ونرى بالفيلم ما ينفي ذلك؟ بل ويأكّد على حرص أمريكا على حقوق الانسان
لأولئك الذين يهدّدون أمنها القومي؟ الحقيقة أن هذه المسألة هي من أهم الأسباب التي دفعتني للكتابة عن هذا الفيلم, كون
الفيلم هوليوودياً فهذا معناه مُباشرة أنه لن يسيء لصورة أمريكا التي تحاول إبرازها دائماً, وهي اللعب وفق القواعد المُتعارف عليها دوليا
كما جاء على لسان جيم نفسه بالفيلم عندما طارده عميل السي آي ايه (يجسد دوره سكوت شيبرد) مُحاولاً ثنيه عن الاستمرار في
الدفاع عن الجاسوس الذي تولّى قضيته, وإذا به يشرح له موقفه من القضية وكيف يجب أن يكون الإنسان الأمريكي الحقيقي, و
هو الذي يلتزم بالدستور والعدالة في عالم السياسة!! وكأنها لعبة يمارسها رجال شرفاء!, صراحة كان من الواضح أن سبيلبرغ يريد
تقديم فيلم يدافع عن مثالية الولايات المتحدة الأمريكية
 
هذا رأيي الخاص عن فكرة الفيلم, أما من ناحية مستواه فهو ممتاز كما أسلفت الذكر
 
التقييم الشخصي7.5/10 
 
 Bridge Of Spies 2015....دراما تاريخية لإبراز مثالية الولايات المتحدة
بداية
الصفحة