روايات "Thomas Harris" التي تم تجسيدها في خمس أفلام تاريخية ..
ربما لم يكونوا كلهم على نفس المستوى الذي ظهر في "صمت الحملان"
إلا أنها رسخت في أذهان المشاهدين كأحد أفضل أفلام الجرائم في التاريخ ..
لما تفردت به من قصة مختلفة عن كل روايات وأفلام الجرائم والبوليسية الإعتيادية
كما ضمت الروايات في جنباتها شخصيات كل منها عنده القدره على أن جزءه من الرواية على درجة من الكمال
ولم يهمل الكاتب في إعطاء كل شخصية حقها
وميز كل شخصية عن الأخرى وخلق نوع من التضاد الغريب ..
فمع الإختلاف الكلي فيما يقوم به Dr. Hannibal Lecter -المُختل-
وكل من المحقق Will Graham في رواية Red Dragon
والمُحققة Clarice Starling في الرواية الأسطورية The Silence of the Lambs التي أسرت القلوب
إلا أنه وبطريقة ساحرة .. جعلنا نتقبل أن يعملا معاً ويكونا فريق للقبض على مجرمين !
فمن العجب أن يتعاون العامل بوظيفة خلاقة في حفظ الأمن مع قاتل ومجرم
ويجعل من القاتل المُتسلسل دور مُساعد في القبض على أمثاله من القتلة
ومُفتاح تقبل القُراء والمُشاهدين لهذا التضاد والإختلال الغريب
كان هو نفسه التناقض والإختلال الذي يمتلكه Dr. Hannibal Lecter في شخصيته المريضة والمُميزة !
هذه الشخصية التي طغت على الجميع رغم صُغر المساحة التي ظهرت فيها في البداية
فطغت على القاتل المُطارد نفسه وعلى شخصيته وعلى كل محاور القِصة
حتى أن بطل القصة نفسه سواء كان المُحقق في التنين الأحمر أو المحققة في صمت الحملان
بدا وكأنهما مجرد وصله ينتظرها المُشاهدين لرؤية تلك الشخصية الإبداعية الممثلة في الدكتور هانيبال ليكتر !
أول ظهور لسلسة الروايات كان في فيلم "Manhunter "
عام 1986 وكان تجسيد لرواية "Red Dragon"
وعلى مايبدو أن الفيلم لم يكن كافياً ...
فتم إعادة تجسيد القصة مرة أخرى في فيلم "Red Dragon" عام 2002
لكن هذه المرة مع العملاق "Anthony Hopkins" الذي أعاد صناعته
والذي يحكي بإيجاز قصة علاقة المُحقق ويل جرام مع الدكتور هانيبال الذي كان يساعده في القبض على مجرم
ثم إكتشافه -المٌحقق- لحقيقة القاتل وهويته والذي لم يكن أحداً سوى هانيبال
ثم إيداعه في مصحة ومساعدته للمٌحقق مرة أخرى في القبض على أحد القتله
وهو ماكان يعرف ب "The Tooth Fairy"

ثاني جزء من السلسلة كان The Silence of the Lambs عام 1991
الذي طغى على الجميع وكان اول تجسيد حقيقي فاق ماسبقه للدكتور هانيبال ليكتر عن طريق أنتوني هوبكنز
وكان موضوعه هو مُساعدة الدكتور "هانيبال" للمحُققة "كلاريس ستارلينج" في القبض على قاتل مُتسلسل أخر
وقامت بدور المُحققة الجميلة-أنذاك- ! " جودي فوستر " وإنتهى بهروب "هانيبال" من السجن !

وبعد 10 سنوات يعود مرة أخرى في فيلم "Hannibal " عام 2001
وهذه المرة مع "جودي مور" في دور " كلاريس ستارلنج "
ليحكي عن عودة "هانيبال" لأمريكا ليمنع خُطة إحدى ضحاياه الكثُر في الإنتقام منه ..

وأخيراً أضعف أجزاء السلسلة للأسف "Hannibal Rising " عام 2007
والذي كان من الُممكن أن يكون أقواها لأنه كان يحكي قِصة نشأة "هانيبال" وكيف أصبح لما هو عليه
لكن ضعف الكوادر في الفيلم قتلته ! وقتلت الرواية ! -رأيي الشخصي-

ورغم الإنخفاض التدريجي في مستوى التوقعات للسلسة كلما أتى جزء جديد
إلا أنه "أنتوني هوبكنز" وحده ! وبسحره ورعبه !
جعل من تلك الشخصية أحد أقوى شخصيات القتلة المُتسلسلين التي ظهرت في السينما
مع "John Doe" من "se7en" و "Patrick Bateman" من "American Psycho"



ما فات كله .. كان مٌقدمة لا بد منها !
وأخيراً بعد كل تلك السنوات .. قرر أحدهم إدخال "هانيبال" لعالم التلفزيون للأسف كانت NBC لكن قدر الله وما شاء فعل !
Hannibal 2013

ما الذي يُقدمه المسلسل ويختلف عن الأفلام ؟
يُقدم المسلسل جزء تم إهماله في الأفلام سأكتبه بإيجاز وبشكل سطحى حتى لا أحرق على أحد
وهو ..
أولاً : شخصية المُحقق "ويل جرام "
فتعمق الكاتب فيها بشكل جعلها تنازع "هانيبال" في البطولة فركز على طباعة الشخصية وطبيعة علاقاته بزملاءه
وزاد في تعمقه ليرينا تميز عقل المُحقق الذي جعله جزءاً من مرضه !
وكيف يقبض على المُجرمين عن طريق تقمص شخصياتهم وكأنه يعيد تمثيل الجريمة
ثم يُزيد من مرضه بالتدريج وهو ما يجعله بالتأكيد صيداً ثمينا للدكتور "هانيبال

ثانياً : يكشف لنا المُسلسل عن بداية نشأة علاقة "ويل جرام " ب "هانيبال" وعن طبيعة العلاقة "الطردية" "والعكسية" بينهم

ثالثاً : لم يجعل من "هانيبال" مجرد أسير قضبان حديدية
وهو مالم يمنعه من أداء ما يحبه من قبل على أي حال ..
لكن تخيله طليقاً !
بالفعل كونه طليقاً وغير مشكوك به جعل مكائده أكثر قوة وأكثر تأثيراً على غيره بالذات على "ويل جرام"
كما زاد من ظهوره ودوره في القصة
فجعله قاتلاً وناصحاً وصديقاً وعدواً ومُطارِداً -بالكسرة- ومُطارَداً -بالفتحة- فأصبح هانيبال" فعلاً هو محور المسلسل
وحوله تدور كل الشخصيات التي يُدبر لها من الحين للأخر المكائد والحيل ..
كما يكشف تاريخه السابق بشكل تدريجي وتاريخه مع باقي شخصيات المسلسل

رابعاً : لم يغفل المسلسل حطبه ! أي الذين يشعلهم ليقيد لنا ناره
وهم القتلة الذين يجري تعقبهم .. فلم يكونوا -أغلبهم- مُجرد حشو للحلقات
بل جعل لهم أولاً تأثيراً كبيراً جداً على شخصية "ويل جرام" وعلى مُستقبله
كما جعل بعضهم جزء من الحبكة الطويله للمسلسل وتشابك تاريخهم وأعمالهم الحاضرة والمُستقبلية مع أبطال القصة
وجعل توابع أفعالهم بغير معزل "ويل" أو " هانيبال"
كما قدم لنا المسلسل شخصيات جديدة تستحق الإهتمام وبعضهم له تاريخ كبير -كممثل-
معلومات عامة عن المسلسل :
يقوم بدور "ويل جرام" "Hugh Dancy" وهو الذي أعتبره أول من أعطى شخصية ويل جرام حقها فعلاً
يقوم بدور "هانيبال" المُبدع "Mads Mikkelsen" الذي لم يبخل على الشخصية وأدى ماعليه ولا داعي لمقارنته بأنتوني هوبكنز
يقوم بدور "جاك كروفورد" رئيس "ويل جرام" "Laurence Fishburne" لعلكم تذكرون " مورفيس" من ماتريكس" !
يقوم بدور الدكتورة "ألانا بلوم" Caroline Dhavernas" -شخصية مُهمة ولها تأثير على "ويل"
يقوم بدور الدكتورة "Bedelia Du Maurier" -طبيبة هانيبال- "Gillian Anderson" بطلة سلسلة "X Files"
يقوم بدور الصحفية المُشاكسة " فريدي لاوندز " Lara Jean Chorostecki"
يقوم بدور "أبيجيل هوبز" -شخصية لها دورها في الموسم الأول الممثلة الشابة "Kacey Rohl"
المسلسل حقق تقييم : 8,4 على imdb
حاز على رضا الكثير بُحسن إعداد سيناريو الحلقة وحسن أداء الممثلين وحسن إختيارهم
حتى الإخراج كان على درجة كبيرة من الكفائة ..
بالإختصار المكانه التي قد يصل إليها المسلسل بعد عدة مواسم من الان
-مالم تجري الرياح بما لا تشتهي السفن - يستحقها تماماً !
وأزعم أنه إن إستمر على حسب ما خُطط له وبنفس الجودة وبنفس الكفائة
فسيكون أحد أهم الأعمال في التراث التلفزي بلا مبالغة !
يقال أنه أُعد له 7 مواسم ! وعلى ما رأيناه في الموسم الأول فهو يحتمل هذا .
فلازال أمامنا الكثير لنتعاطي معه خصوصاً بعد نهاية الموسم الأول الشديدة والمُحكمة
وجود Bryan Fuller يبعث على التفائل بمجرد رؤية بعض أعماله
الخًلاصة : أنصح بمشاهدة المسلسل
وللذين لم يشاهدوا سلسلة الأفلام بعد .. لا بأس من مشاهدتها مع المسلسل
فكلاهم يتشابه فقط من ناحية الشخصيات والخطوط العريضة
ما فات كان كتابتي نتيجة إعجابي الشديد بالمسلسل الجديد والقصة إجمالاً . وشكراً .