ما زال العلماء و الآثاريون يتعجبون كيف نجح الفراعنة قبل حوالي
3500 سنة في صناعة تابوت الملك توت عنخ آمون و قناعه ، و هما من الذهب الخالص ، و في زخرفتها بالأحجار الكريمة و معجون الزجاج الملون ؟!
كان الانجليزي (( هوارد كارتر )) قد اكتشف مقبرة الملك الشاب في
29 نوفمبر 1922 ، و اخترق عدة أبواب لها ، بعضها حجري في ثلاثة شهور ليصل إلى غرفة الدفن المليئة بالحلي و الأثاث ، وبها تابوت الملك الحجري ، بداخله مومياء الفرعون داخل ثلاثة توابيت أخرى ، آخرها من الذهب ، و على وجهه قناع من
الذهب أيضاً .. التابوت وزنه 110 كيلوجرامات ،
و القناع 54 كيلوجراماً من الذهب الخالص .
كيف صهر حرفيو الفراعنة الذهب الذي
يحتاج إلى حرارة قوتها 1063 درجة مئوية
ليسيح ، و كيف نجحوا في تشكيله كعلبة من قسمين ،
أسفل و أعلى ، بشكل مومياء الملك ، و قناع بشكل وجهه ،
و كيف زخرفوها ؟!
تدلنا الرسوم الحائطية و التماثيل الصغيرة للعمال
و الحرفيين التي وجدت بمقابر فراعنة الدولة القديمة
( 2700 ـ2250 قبل الميلاد ) ، أن مشكلي المعادن كانوا
يصهرونها في أوعية كبيرة من الخزف يقف حولها
عبيد أو عمال ، ينفخون النار بأنابيب طويلة من الغاب
أطرافها من الخزف الذي لا يحترق ، ثم طورت هذه
الطريقة في الدولة الحديثة ( عصر توت عنخ آمون )
لتستعمل للنفخ في النار قريباً من جلود الحيوانات ،
و يستخدم العمال لملئها بالهواء و تفريغها منه ألواحاً
طويلة من الخشب .. و كان الذهب يصب بعد صهره في
قوالب لعمل الحلي و التمائم الدينية .. أما تابوت الملك فقد
صب في أكثر من قالب واحد لصنع رقائق ذهبية كبيرة
بدأ طرقها بينما تتحول إلى الصلابة ، في قوالب
خشبية بشكل و حجم جسد الملك و وجهه ،
مع وصل الرقائق معاً بدقها بمطارق من الخشب ، و نقلها من
حين لآخر قرب النار قبل أن تفقد ليونتها ، و كانت النتيجة
أن عمل التابوت من قطعتين يتراوح سمكها بين 1 و 2 ملليمتراً ،
باستخدام 4.5 لترات من الذهب السائل ثلاثة للقاعدة المجوفة
و لتر و نصف لغطائها ، بالإضافة الى لتر و نصف من الذهب للقناع .
و فيما بعد صقر الحرفيون سطحي التابوت و القناع الخارجيين
بدلكهما بقطع أحجار خاصة لتسوية و تنعيم استداراتهما
و تلميعهما و إبراز روعتهما ، ثم حفروا عليها الرسوم التقليدية
و الدعوات الدينية ، و طعموها بالأحجار الكريمة و شبه الكريمة
و بمعجون الزجاج الملون ، و أضافوا للتابوت يدي الملك
معقودتان تمسكان برمزي السلطة الفرعونية
(( السوط و الصولجان )) ، و لكل من رأسي التابوت و القناع
العينين من الزجاج الملون و غطاء الرأس الرسمي المحلى
برمزي السلطة (( النسر و ثعبان الكوبرا )) ..
و أصبحا التابوت و القناع الذهبيان معدين لدفن الملك الشاب
(( الذي حكم من سن 9 سنوات إلى أن مات في سن 18 )) .

أرجو أن يكون الموضوع قد أعجبكم
مع تحياتي
سيف
