القصة ليست من بنات خيالي ' بل هي واقعة حقيقية عاينتُها بعيني ذات يوم عندما كنتُ في سفر مع خالي رحمه الله الى احدى قمم جبالنا الأطلسية في المغرب .استوقفنا رجل يحرك بالكاد كرسيه المتحرك ' وما ان رآه خالي حتى تسمر في مكانه بينما انفتحتْ ذراعا الرجل كبوابة مُشْرَعَة على ألف ذكرى وذكرى..وكجناحي طائر يهم بالتحليق في أجواء بلا ضفاف ومن عينيه طفرت دموع حرَّى لم يهتم بمُداراتها أو سترها..فانحنى الرجلان يتعانقان ويسران في لحظات من الصمت والذهول أحاديث لا يسمعها الاَّ هُما.... ان هذ الرجل قال لي خالي بعد ساعة من هذا اللقاء كان عسكريا برفقته وقد انفجرت قنبلة هوت من حيث لا يدري أحد حذاءه وأودتْ بالكثيرين وكان مصيره من هاته الواقعة شهورا من الاستشفاء انتهت ببتر رجليْه معا 'وكان لخالي دور مهم في انقاذه من الموت اذ كان يمر بسيارة الخدمة العسكرية صدفة بجانب مكان الكمين الذي انفجرت فيه القنبلة... و ألفاه حينئذ بساق مبتورة تماما وأخرى بالكاد تتشبت ببقية الجسد بهالة من لحم دقيق مطموس بالدماء وكثير من الغبار والعثار .. عانق خالي الرجل المُصاب وأنَامَهُ بكل هدوء ثم وبسرعة كالجنون طفق يحرق المسافات الى أقرب مشفى..... ان الرجل اذ لاحظ خالي تذكر كل ذلك...فكان ذلك اللقاء المُفعم بالحنين والود والمحبة بين جنديين أخلصا لوطنهما أيما اخلاص....
القصة حقيقية ...سمعتها مباشرة من خالي رحمة الله عليه وظلت راسخة في ذهني وكنتُ دوما أفكر في تدوين رؤوس بنات أفكارها وأحداثها وخواطرها حتى قرأتُ أحاديثكم عن هذا اللقاء الجميل فطفرت الحادثة مباشرة الى خاطري ودونتُ ما قرأتم على أمل أن أطور الحكاية وحبكتها في القريب من الأيام.................. فشكرا لكم على هاته الفرصة التي أتحتم لنا لنشارككم لواعجنا ولواعج الكثير من أحبابنا الذين عاشوا معنا ولا زالوا يعيشون معنا وكلهم أمل في تحسين أوضاعهم الصحية والاجتماعية والمادية والنفسية والمعنوية..... شكرا ولكم كل التقدير والاحترام............
|