بسـم الله الرحمـن الرحيـم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المخلوقات و سيد الأنبياء و المرسلين، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم
و على آله و صحبه أجمعين و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد :
افتتاحية : يسر إخوانكم و أخواتكم من منتدى الانمي العام بتقديم أسمى التهاني و التبريكات بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس منتدى الأمل لذوي الحتياجات الخاصة
كما نحييكم عاليا إخوتنا على المجهودات المستحقة في سبيل الرقي بالمنتدى و فتح المجال أمام الأنامل الغيورة على أبرز قضايا مجتمعنا و نشر رسائل سامية في مضمونها
راقية في محتواها، هادفة في مقاصدها .. و لكم يشرفنا هذا اليوم أن نتواجد بينكم و في بيتكم و ندعوا الله بدوام المحبة و الإخوة بيننا و بينكم.
قبل 12 سنة، ترى نور عالمنا أول مولودة في عائلتنا لكن كانت كغير بقية الأطفال فهي مصابة بثقل في الحركة و صعوبة في الخطاب و الكلام.
و لمعزتي عند والديها منحاني شرف تسميتها "منال"، و كانت أول مرة أعايش طفلا يتطلب احتياجات خاصة و مراعاة أكثر، لكن المؤسف كان هو معايشة
نظرات الشفقة من كل زائر و ضيف، و استفحل الوضع مع الوقت حيث بات كل من يلاقيني في الطريق و أنا أحملها فيطعنني بنظرات أو يجرحني بكلمات
و الأسوأ من هؤلاء هو من يتخذها مثالا ليخيف أبناءه بأن من يعصي والديه فهذا مصيره !! استمر الحال حتى تعبت و صرت أتفادى الخروج معها.
فقد تجاوزت 6 سنوات و لم تعرف النطق و لا المشي رغم دروس الترويض و الأدوية لكن حسب تقارير الأطبة فعقلها سليم و هي تستوعب ما حولها
لكن الخلل يكمن في أعضاء جسمها و كأنها لا تستجيب لإرادتها. بعد فترة من عدم خروجي معها من البيت صارت أكثر إلحاحا على طلب الخروج معي
حتى سمعت أمها تصرخ عليها ذات يوم كفّي عن البكاء فأنت لم تعودي صغيرة ليقدر " عماد " على حملك و كذلك أنت تتسببين له بالإحراج أمام الناس.
حين سمعت هذا الكلام بكيت إلا أن دموعي أبت الخروج. لكن منال كانت أقوى مني و صرت ألاحظ في كل زيارة لهم وجود جروح و كدمات على جسدها
و حين أسأل والدتها عن السبب تجيب : إنها تحاول طيلة الوقت الوقوف لوحدها و تتمشى إلا أن الأمر ينتهي بها بالسقوط رغم أننا نبهنا عليها بألا تفعل
ذلك لكنها بقيت مصرة و تستغل أي فرصة تغيب فيها عن أعيننا لتكرر الأمر حتى أصبح جسدها كله مجرد كدمات و جروح. تأثرت كثيرا و فهمت أنها
تفعل ذلك حتى تخرج دون أن ينظر لها أحد نظرة شفقة أو يحس أحد معها بالإحراج، فقررت أن أتحلى بالقليل من الإنسانية و أحملها لنقوم بنزهة كما اعتدنا
إلا أنها فاجأني بالرفض و أبت أن أحملها و أمسكت بيدي لتحاول الوقوف و المشي، فاغرورقت عيناي من شدة الموقف و لم أجد سبيلا سوى بتلبية طلبها.
صار عمرها 9 سنوات و أبدت " منال " قدرتها على تجاوز الصعاب و صار بمقدورها الوقوف لوحدها و المشي و لو بصعوبة لتخطو خطواتها المعدودة.
و تأتي بعدها المفاجأة لتتعلم نطق بضع كلمات و كأي طفل فستبدأ بكلمة " ماما " أو " بابا " لكن المختلف هذه المرة أن كلمة " بابا " لم تكن من نصيب والدها
بل من نصيبي حتى بعدما شرحنا لها أن " بابا " تقال لوالدها إلا أنها بقيت مصرة على قرارها مما زاد من توطيد علاقتي بها بالرغم من أنهم كانوا على وشك
الانتقال لمدينة أخرى ليعود لقائي بها بين كل مناسبة فحسب :( و طيلة هذه الفترة و هي تقوم بأحن شيء رأيته في حياتي، حيث تقوم من اليوم الذي تعرف فيه
أني سآتي لزيارتهم بادخار أي شيء تحصل عليه بما في ذلك جزء من طعامها اليومي و لا يهمها إذا تعفن أو إذا جاعت فهي لا تلمسه و لا تدع أحد يلمسه
حتى آتي و تستقبلني به، أما اليوم الموعود لقدومي فأول مكان تتجه له بعد الاستيقاظ هو عتبة البيت و لا تتحرك من هناك حتى أدخل و إياها سويا !!
خاتمة : ليست الإعاقة أن يكون هناك خطب في أعضاء جسدك بل الإعاقة أن يكون هناك خطب في أخلاقك
و ليس المعاق من يحتاج للأمل و يحتاجنا حوله بل نحن من فقدنا الأمل في أنفسنا و احتجنا إليهم في حياتنا لنسترده