"قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي علي أقسى من الحجر".. لم تكن هذه جملة نحيب أو استعطاف أو حتى رجاء في أن تحل الرحمة محل القسوة في قلوب الأبناء، ونحن على مشارف الإحتفال بعيد الأم الذي هو في حقيقته عيد للأبوين معا، لكنه مجرد وصف لحال "عم محسن" الذي طردته زوجته وأبناؤه الثلاثة خارج منزله مبتور الساقين خاوي الوفاض إلا من حب الله الظاهر في محبة كل من عرفه إلا أهل بيته..!
ربما يكون الأمر جديداً على مسامع البعض، فالمرأة عنوان الحب والحنان، لكن أن يتبدل قلبها بحجر صوان وتحل مشاعر الجحود محل المودة والرحمة، وتستغنى الزوجة والأم عن دورها كمربية وقدوة لأبنائها.. فهذا هو الغريب في الأمر.
عم محسن .. الأب الذي كد وتعب وذاق طعم الغربة عشرات السنين في سبيل تأمين حياة كريمة لولديه وابنته وقبلهم زوجته. التقيت به في دار رسالة للمسنين .. ملامحه مكسوة بكم هائل من الإيمان والرضا والبشاشة رغم كل ما مر به من ظروف..
يقول : تزوجت وسافرت للكويت في طلب الرزق منذ ما يزيد عن 20 عاما، وأنجبت أبنائي الثلاثة أكبرهم محمد 21سنة وابنتي التي زوجتها والصغير 19 سنة، وكنت أعامل زوجتي بشهادة الجميع أفضل معاملة وأشتري لها كل ما تشتهي، حتى أصابني مرض السكر واضطررت للعودة إلى مصر بعد أن اشتريت شقة وأثثتها بأفضل الأثاث..
ويتابع: لكن زوجتي من النوع المتجبر دائم المطالب، لم تراعِ كوني مريضا فأخذت تنفق المال على طلباتها الشخصية بلا حساب، هذا غير قسوتها التي أورثتها لأبنائنا، الذين تصفهم دائما بـ "أبناء الحرام"، حتى سألها أكبرهم "إذن من هو والدنا؟!"
سألته: من الواضح أنه لم يكن بينكما أي تفاهم؟
نعم.. فقد كانت تتعمد إيذائي والشكوى مني ومن عدم قدرتي على أداء واجباتي والقيام بمسئولياتي تجاه البيت والأولاد، وكنت في المقابل أحاول الحفاظ على هدوء أعصابي من أجل أبنائي، حتى تسببت بمعاملتها في بتر ساقي الأولى في عام 2009، ثم الثانية في العام التالي بسبب تعرضي لنوبات عصبية.
ومنذ ذلك الحين لا ألق منها إلى منتهى الإهانة والإهمال، فقد امتنعت هي وأبنائي عن خدمتي تماما، حتى اضطررت للنوم على مرتبة في الصالون كي لا أحتاج لأي منهم، وإذا أردت الخروج ألجأ للجيران ليحملوني إلى الخارج .
حتى جاء اليوم الذي تشاجرنا فيه مشاجرة كبيرة طردتني بعدها من المنزل، فناديت أحد الجيران ليساعدني على النزول حتى تهدأ الأحوال وأعود، لكنني فوجئت بها بعد نزولي تنبه عليهم ألا يعودوا بي إلى شقتي قائلة" لن أفتح الباب.. فأنا وأولادي لا نريده في المنزل..!"
وأبناؤك .. كيف وافقوها على ذلك .. وماذا كان رد فعلهم ؟
الولدان طوع أمرها خاصة مع امتلاكها للمال ودخولهم دائرة الإدمان، والفتاة تزوجت رغما عني برجل فاشل لا أدري من أين يكسب قوت يومه ، وقد كان سببا رئيسياً في الخلافات بيننا فقد شعرت أنه رجلها المعتمد عليه.. أما أنا فلا أصلح لشيئ ،كما تزعم، على الرغم من أنني أكبرها بأربع سنوات فقط.
ويستطرد عم محسن في أسى: المدهش أن الجيران هم الذين حزنوا من أجلي وحاولوا إقناعها وإقناع أبنائي الثلاثة بعودتي ، وعندما رفضوا أرادوا إخراجها من الشقة لأنها غير حاضنة والعقد بإسمي، لكنني تركت لها فرصة 10أيام لتعود لصوابها لكن هذا لم يحدث فطلقتها وكانت الطلقة الثالثة.
وماذا فعلت بعدها ياعم محسن؟
نمت ثلاثة أشهر على كنبة في قهوة في الشارع، حتى أصبت بأزمة قلبية وأودعني ولاد الحلال مستشفى المبرة، وبعد مرور الأزمة ذهبت إلى مكتب أحد الجيران حتى نصحني البعض بالإتصال بجمعية رسالة، الذين جاءوا لي بأنفسهم وأخذوني لدار المسنين الخاص بهم.
قبل أن أنهي حديثي معه سألته : هل تشعر بأنك ستسامح أبناءك في يوم من الأيام؟ فأجابني بلا تردد
ولادي محنوش علي ورموني في الشارع، يبقي ازاي أسامحهم وأترحم عليهم سواء كانوا أحياء ولا أموات..!
................................................................
أخوتى الغاليين أعضاء وزوار بيت الامل
لماذا أصبحت الأيام قاسية والناس أقسى ؟
لماذا نزعت الرحمة من قلوب البشر؟
هل مجرد ابتلاء عم محسن بالاعاقة تتبدل حياته للاسواء ؟
ما هذة الزوجة الم يكن لديها قلب ؟؟