نعم الحيوانات أيضاً لعبت دوراً هاماً في التاريخ ، خاصة ً
في الحروب . كانت الخيول أساسية في الحروب التي كثيراً
ما اعتمدت نتيجتها على كر و فر قوات الفرسان ، و حركتها
السريعة ، و اشتهرت آخر فصائل الفرسان ، القوازق
الروسية ، التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية و واجهت
في معركة نهر الدون دبابات البانزر النازية ، التي أبادتها عن
آخرها ، عام 1943 .
و لعل أشهر الجياد في التاريخ هو جواد الإسكندر الأكبر
المسمى بوشفالو ( رأس الثور ) الذي يروي المؤرخ الإغريقي
" بلوتارك " أن الإسكندر روضه بنفسه في حفرة بأن ألقلى
بنفسه أمام الجواد و هو يعدو بجنون ، فأمسك بقياده و أرغمه
على أن يستدير تجاه الشمس كي لا يرى ظله ، و كان الإسكندر
قد لاحظ أن ( بوشفالو ) يرعبه مشهد ظله يتحرك و يرقص
و يركض عند قدميه الأماميتين ، و حينما مات
( بوشفالو ) قبل إحدى المعارك ( في 326 ق م ) كرمه
الإسكندر كبطل . أمر بحداد رسمي عليه في جميع
أنحاء الإمبراطورية
و أطلق على أول مدينة غزاها بعد ذلك إسم بوشيفاليا
( ديلاوار بباكستان الآن ).
جواد آخر شهير هو ( إنشيتاتو ) الذي كان يركبه
الإمبراطور "كاليجولا" في حروبه ثم عينه عضواً بمجلس
الإمبراطورية الرومانية .. كان كاليجولا محبوباً من شعبه إلى
أن جن ، فأمر أعضاء برلمانه أن يقبلوا قدميه و أن ينزلوا
بساحة ملعب الكولسيوم ليقاتلوا المصارعين المحترفين ..
و كان كاليجولا ( الذي قتل في سنة 41 ) قد عمل لحصانه
( إنشيتاتو ) إسطبلاً أرضه و حوائطه و سقفه من الرخام
الأبيض و به مذود من العاج ليأكل فيه !
و حصان ثالث في التاريخ هو "وزير" جواد نابليون
بونابرت ناصع البياض ( كان عند نابليون في الواقع أكثر كم
مائة جواد أبيض يتبادل ركوبها ، مدعياً
أن الذي يركبه دائماً هو وزير !)
و استخدمت في الحروب أيضاً الفيلة ،
استعملها الهنود منذ حوالي 1500
سنة قبل الميلاد . ( و استخدمها الإسكندر
لنقل أدوات الحرب ، و كان يحمل متاعه
الشخصي فيل إسمه "أياشي" كبطل حرب
طروادة ). و استعملها في الحرب لأول مرة في
أوروبا بيرو ملك مملكة صغيرة في شبه جزيرة
البلقان ( الذي كان يحلم بعمل امبراطورية كبيرة
كالإسكندر ) في معركة ايراكليا ضد الإمبراطورية
الرومانية ( عام 280 ق م ) ، و كانت أول مرة يرى
فيها الجنود الرومان هذه الحيوانات المهولة ذات
الخراطيم و الآذان الكبيرة ( و كان بجيش بيرو 20
فيلاً ) و هزم الرومان في هذه المعركة الدامية لكن
خسائر بيرو كانت فادحة لدرجة أنه تراجع عن غزو
إيطاليا أو عمل امبراطورية له ( و من هنا المثل الذي
يصف " كانتصار بيرو كل مت يدفع له ثمن باهظ و يكلف
أكثر من قيمته " . و بعد 62 عاماً ( في 218 ق م ) واجه
الرومان الفيلة من جديد في جيش هانيبال ( و كانت به فصيلة
من 30 فيلاً ) الذي عبر جبال الألب المغطاة بالثلوج و انتصر
في بعض المعارك ، لكنه فشل في احتلال روما العاصمة
و اضطر للانسحاب .
و توقف استخدام الحيوانات في الحروب على طبيعة
ساحاتها ، فاستخدمت الإبل في الصحاري و البغال في الجبال
و الطرق الوعرة ، و الكلاب لنقل الإسعافات الأولية للجرحى .
و كان السوفييت يعودون كلاب الدنيير على أن تأكل تحت
دباباتهم ، ثم يجوعونها و يحملونها بالمفرقعات و يطلقونها في
حقول المعارك لينسفوها حينما تدخل تحت دبابات العدو
الألماني ) .
و تم استخدام الحمام الزاجل لنقل الرسائل و أيضاً لتصوير
خطوط الأعداء من الجو بالآت تصوير دقيقة مثبتة في أقدامها
( و توجد إحدى هذه الحمامات محنطة في متحف ميونيخ
بألمانيا ) كذلك لعب الأوز دوراً في الحروب ، فكان يصيح منذراً
باقتراب الطائرات المغيرة قبل أن يسمعها الآدميون ، فيلجأون
إلى المخابئ ( و كرمت مدينة فريبورج بالمانيا أوزها بتمثال في
أكبر ميادينها )
و يمكننا أن نضيف إلى قائمة الحيوانات و الحروب أيضاً
أفعى الصل المصرية التي انتحرت بلدغتها ( عام 30 ق. م )
كليوباترا ، آخر ملوك البطالمة الذين حكموا مصر لثلاثة
قرون ، مفضلة ً الموت عن أن يجرها ، مكبلة ً بالسلاسل إلى
عاصمته روما ، الإمبراطور أوتافيانو بعد أن هزم جيشها .

أرجو أن يكون الموضوع قد أعجبكم
مع تحياتي
سيف
