
عمي إبراهيم بوسبولة
إنه عمي إبراهيم بوسبولة بن بوڤرة المولود بتاريخ 19 جوان 1941 بعرش قوف ببلدية أم الطوب غربي سكيكدة
مبتور اليدين والرجلين في حادثة انفجار قنبلة تقليدية الصنع عند غروب شمس أحد أيام سنة 1955 زرعها الاستعمار الفرنسي وعمره 14 سنة،
و"بحكم الحاجة -يقول عمي ابراهيم- فتحتُ طاولة لبيع السجائر والحلويات،
وفي سنة 1965 اقترضت مذياعا من عند صهر زوجة أخي وفجأة سقط من يدي فتوقف عن الكلام،
وعندها توقفت نبضات قلبي وقلت في قرارة نفسي كيف تواجه زوجها؟ وبعدها فتحته وشرعت في إصلاحه وسهل علي ذلك فكدت أطير من شدة الفرح،
وبمرور الوقت نصحني الأصدقاء بفتح محل لإصلاح الأجهزة.
ومع مرور الوقت أصبحت أصلح كل شيء، وعندئذ زاد إصرار الأهل على فتح المحل،
وفعلا لبيت طلبهم وشرعت في عملي لإعالة عائلتي حيث أحمل آلات الإصلاح بمعصمي الإثنين (كما هو مبين في الصورة)
وأضع على قطعة الغيار التي أراها غير صالحة وأستعين بعمود حديدي لنزعها وأضع قطعة الغيار الجديدة وأقوم بذلك بإتقان،
ومحلي دائما مملوء عن آخره بالزبائن، كما أنني خياط ماهر، لكن عون أمن الغابات لم يصدق ذلك حيث مزق بدلته المهنية عمدا
وجاءني طالبا مني أن أخيطها له حالا وادعى بأنه في حاجة ماسة إليها، كما رفض الخروج،
وأمام عينيه قمت بخياطتها على أحسن ما يرام وفي زمن قياسي قصير، وهنا اندهش.
وقبل دلك وفي سنة 1974 -يقول عمي إبراهيم- وقعت لي حادثة أليمة لم أنسها طول حياتي حيث
جاءني نائب رئيس بلدية أم الطوب وهو لا يزال على قيد الحياة وطلب مني غلق طاولة بيع السجائر،
حيث قلت له إن كان هذا النشاط ممنوعا فحالتي خاصة وليس لي أي دخل لإعالة عائلتي فترجيته بغض البصر عني ومزاولة نشاطي فأنا معاق 200 بالمئة،
فتركني، وبعد فترة قصيرة عاد إلي وعلامات الشر واضحة في وجهه ليشرع في كسر الطاولة ورمي مختلف السلع أمام مرأى المارة الذين لم يرضهم هذا التصرف من مسؤول كان من المفروض أن يحميني،
ولم يهدأ له بال بل طلب مني مرافقته إلى مقر البلدية لأنه لم يشف غليله،
فتوجهت معه، وعندما وصولنا رفضت الدخول لأنني خفت من مكره ثم ضربني على رقبتي بقوة وأنا صائم فكدت أن أفقد وعيي،
وعند أدان المغرب لم أتناول الفطور بسبب هذا الظلم.
وفي المساء وعندما انتشر الخبر بين الناس، جاءني دركي من أم الطوب يعمل بقسنطينة فطلب مني رفع دعوى قضائية ضده لدى وكيل الجمهورية بمحكمة سكيكدة،
وفعلا تم ذلك بسرعة البرق، وبعدها استدعتني المصالح القضائية حيث حققوا معي في الحادثة المؤلمة التي بقي جرحها عميقا بداخلي إلى يومنا هذا،
وفي اليوم الموالي طلب مني رئيس الفرقة الإقليمية للدرك الوطني ببلدية عين قشرة الحضور إلى مقر البلدية بغرض الصلح مع نائب الرئيس فرفضت في البداية رغم تدخل رئيس البلدية،
وقلت لهم هذا الشخص ليس له لا رحمة ولا شفقة في قلبه،
ثم ألحوا علي فسامحته في الدنيا ولكن في الآخرة لم أسامحه وخرجت من القاعة".
ويشاء القدر أن يكون لعمي إبراهيم حفيدا له اسمه حكيم يبلغ من العمر الآن 08 سنوات مبتور اليدين والرجلين على شاكلة جده،
وعند زيارتنا لبيت جده كان غائبا، ويفقد الطفل أباه ليتكفل به جده عمي إبراهيم فتكتمل فصول مأساته وهمومه،
لكنه بالتأكيد قادر على مواجهة الصعاب، لأن الحياة علمته ذلك.