
متى استخدمت المرآة؟
هل نظرت مرة إلى سطح حوض ماء هادىء و رأيت صورة السماء و الأشجار منعكسة فوقه ؟ إنك بذلك تنظر ، في الواقع ، في مرآة ، فالمرآة هي مجرد سطح ناعم يعكس الضوء ، و يشكل صورة.

من المهم جدا أن يكون السطح ناعما . و يقدر ما يكون كذلك ، يحسن الانعكاس . مثلا ، إذا هبت نسمة و جعدت سطح الماء في الحوض ، فإنه يظل يعكس الضوء ، لكن لا ترى أي صورة. في قديم الازمنة كانت المرايا تصنع من المعادن المصقولة جيدا . و المرآة الحديثة هي ، عادة ، رقاقة زجاجية مصقولة ، يُطلى ظهرها بالفضة. و لكن الزجاج ليس المرآة. فالسطح الذي يعكس الضوء و الصورة معا هو الفضة . و كل ما يفعل الزجاج في هذه الحالة هو حماية طبقة الفضة الرقيقة من أي خدوش أو تفتت.


لن نعرف أبدا متى اكتشف الانسان القديم فكرة المرآة . فهو ، أيضا قد نظر و لا ريب ، إلى احواض الماء الساكن ، و رأى صورته ، و لعله بالمصادفة ، اكتشف أن القطع المعدنية المصقولة تعكس صورته ، كذلك. و في وقت ما- و نعرف أنه في ذلك ، و بوحي من النساء- أخذ قطعا من المعدن و صقلها ، و اعطاها شكلا ما لصنع المرايا !
عندما هلت على العالم الحضارات اليونانية ، فالمصرية ، فالرومانية القديمة ، باتت المرايا في نظر الجميع ، اشياء و سلعا مفيدة جدا . و في الواقع ، كان الناس في ذلك الزمان يحملون مرايا صغيرة في جيوبهم ، مصنوعة من قطع معدنية مستديرة ، إما من النحاس أو البرونز أو الفضة أو الذهب.

و لكن كما أن المرآة تذهل الطفل ، مثلا ، كذلك كانت الشعوب البدائية تذهل كذلك أمامها. لم تكن تفهم كيف تعمل ، و لذا حسبت أن للمرايا قوى سحرية . و الواقع أنهم اعتقدوا أن الصورة التي يرونها في المرآة هي روحهم . و من هنا كانت الخرافة القائلة أن من الشؤم تحطيم مرآة ، ذلك بأن في ذلك جلب الأذى لروح الشخص الذي يحطم المرآة.

كان سكان مدينة البندقية في ايطاليا أول من صنع المرايا ، و قد طليت ظهورها بالزئبق و القصدير . و حوالي 1300 شرعوا في انتاج مثل هذه المرايا . و لم يمض وقت حتى اسبتدلوا المرايا المعدنية التي كانت مستعملة طوال آلاف السنين بالمرايا المعروفة اليوم.


و تروي الاسطورة الفارسية أن فلاحا عثر في منطقة متخلفة على مرآة في الطريق ، فقدها ، و لا ريب ، أحد المسافرين ، فراح يتأملها بفضول شديد و غريب لأنه لم يكن قد رأى مرآة قط من قبل و ما لبث أن صاح :
- هه ، هذه صورة أبي العجوز ... كنت أجهل أنه صنع صورة لنفسه.
و حمل المرآة الى بيته ،، و وضعها في أحد الادراج . و في ذات يوم وجدتها زوجته فتطلعت فيها بدورها ، و قالت :
- إذن ، هذه هي المشعوذة الشمطاء التي يعاشرها زوجي الآن . لقد بلغ بها الجنون أن أهدته صورتها..
