http://www.facebook.com/meetsaladin

باسم الله الرحمن الرحيم

لقد أصبحت فكرة رائجة في الأدهان ، هي فكرة انحدار قيمة " الانمي العربي " ، ووصولها للحضيض ، عندما أصبحنا نرى ، أن الانميات العربية لا تعدو كونها مجرد رسومات متحركة ، طفولية صبيانية ، لا تمتلك أبسط شروط الاحترافية ، ففي احدى الكرتونات العربية الدينية المسماة " عاصم ودعاء " ، نجد أن طريقة تحريك الفم لا تتناسب والكلام الدي نسمعه ، والحركات تتم بنوع من البطء الشديد الدي يجعلك تشعر بأنك تشاهد كرتوناً من ستينات القرن الماضي .

ولعل الانمي العربي الوحيد ، الدي يعرفه المتتبعون ، هو انمي " أحكام القرآن " ، والتعلق به من بعض الأسر المحافظة لم يكن الا لأنه يحمل رسالات تربوية جميلة ، ويحيي جملة من السنن والفضائل التي نامت حتى اعتقدناها ماتت ، فالقيمة التي يحملها هدا الانمي ادن ، غير نابعة من كونه انمي بانتاج راقي ، أو أنه يحمل في طياته أحداثاً مثيرة جدابة ، بل ان نوعيته الدينية هي الوحيدة التي كانت كفيلة باعطائه تلك القيمة ، اما من الناحية الفنية فانه ومن المؤكد أن أصداء هدا الانمي لن تتجاوز شرقنا العربي الضيق  ، لأنه لا يتوفر على أي مؤهل لولوجه للساحة الفنية العالمية .

كما أن فصيلة " أحكام القرآن " هي السائدة في انمياتنا العربية ، فان عامل التشويق الوحيد الدي تحتويه ، هو " القيم الدينية " ، دلك أن امكانيات شركات الانتاج والاخراج ، لا تسمح بانتاجات درامية وبوليسية وغيرها تستطيع أن تخرج لنا للساحة العالمية بدل أن تبقى حبيسة بضع بيوت عربية ، التي أصبح أطفالها وشبابها في غالبيتهم ناسين أو متناسين لأي انمي عربي ، ما دام البلد الأصلي لهدا الفن ، اليابان ، ينتج أقصى ما يمكن أن يوفر الفرجة والمتعة .

وما يدعوني للنفور من هدا الواقع ، هو أن الانمي ، كفن عصري ، كغيره من الفنون ، ينبغي أن يصل الينا نحن العرب أيضاً ، كما وصلت الينا الأفلام والمسلسلات ، وأصبحت تزاحم مثيلاتها العالمية ، في البيوت والشاشات ، وتطورت الأفلام والمسلسلات العربية حتى أن البعض لم يعد يشاهد غيرها ، نتيجة للهوس بها ، ونتيجة أيضاً لاكتساح هاته الفنون لشركاتنا الانتاجية ، وقنواتنا المحلية ، فلم لا يكون الأمر داته مع الانمي ؟

لكني لم أعد أفكر في هدا الاتجاه ، مذ تلك الليلة ، التي كنت أمر فيها كالمعتاد على قنواتنا العربية المملة ، الى أن وصلت لتلك القناة التي ظننتها مجرد قناة " دمى وكراكيس " ، هي الجزيرة للأطفال ، وقد غيرت رأيي تماماً عندما رأيت مشهداً ساخناً كان فيه مجموعة من المغامرين الدين انطلقوا لاحدى الكهوف ، بحثاً عن كنز ، وقد واجهوا صعاباً كبيرة ، وشدتني كثيراً تلك المغامرات التي واجهوها في طريقهم ، وكدا القتالات والعنف الجسدي والكلامي ، شيء جميل جداً .. أخيراً تعرض لنا الجزيرة للاطفال انمي " ناضج " ، فكرت ، لكني لم أفكر أبداً في أن ترى عيناي عند نهاية الحلقة " من انتاج الجزيرة للأطفال " ، فالأمر لا يتعلق بمجرد قناة ، بل بفن ياباني يُجسد على هيأة مسلسل مشوق ، ممتع ، تتوفر فيه كامل شروط الاحترافية ، ولم أظن لوهلة أبداً في أن يكون من انتاج عربي ..

والحقيقة أني لم أتأكد من دلك الا عندما قرأت المعلومة في احدى صفحات الشبكات العنكبوتية ، ادن الجزيرة للأطفال ، تجاوزت وتخطت كل الحدود التي كنا نأملها في هده القناة ، أملنا أن نرى يوماً انمي ياباني ، للناضجين ، يعرض على هده القناة ، وقد رأينا فعلاً انمي من دلك النوع ، ولكن الأجمل أنه من انتاج محلي عربي ، يا لها من جرأة كبيرة من هاته القناة .. خاصة عندما رأيت تلك الاحترافية الكبيرة في الاخراج ، و الجرافيكس العالي الجودة .

واني سأكون صريحاً وصادقاً ، ادا قلت بأن انمي " البطل الأسطورة " صلاح الدين ، قد ملك قلبي ، وأخد عقلي ،  وأصبحت أتابعه بشكل يومي ، بل اني وضعته من بين أفضل 10 انميات تابعتها ، والجميل في الأمر ، أنه عربي ويزاحم أفضل الانميات اليابانية ، بالنسبة الي على الأقل .

يذهب بال الكثير من الناس الى أن هدا الانمي انطلاقاً من اسم بطله " صلاح الدين " ، مجرد انمي تاريخي تقليدي ، يحكي لنا قصة البطل العربي المعروف " صلاح الدين الأيوبي " ، والحقيقة هي غير دلك تماماً ، اد لا علاقة أبداً بين بطل قصة الانمي ، وبين البطل الأيوبي ، سوى اشتراكهما في اسم واحد هو " صلاح الدين " ، وهدا ما ينبه اليه مخرجوا الانمي عند بداية كل حلقة ، الى أن هدا الانمي لا ينطلق من أي وقائع تاريخية حقيقية ، وأن أي مطابقة لأحداثه بالواقع  انما هو مجرد " رؤية درامية " .

" صلاح الدين البطل الأسطورة " هو عبارة عن سلسلة ، اد أن الأحداث الجوهرية في كل حلقة تنتهي بانتهاء الحلقة ، وهدا لا ينفي وجود بعض الترابط الجميل بين الحلقات .

كما تحكي القصة عن البطل صلاح الدين ابن السلطان أيوب ، وقد أراد صلاح أن يتخلص من القصر ، بعدما شعر به ضيقاً عليه ، وأنه لا يمثل آماله وطموحاته ، فيقرر المغادرة رفقة صديقة طارق ، متجولاً في هدا العالم الفسيح ، ليكتشف بنفسه مغامراته واثارته ، هكدا فكر وفعل صلاح الدين عندما قرر أن يكون بطلاً حراً لا مجرد سلطان وارث للحكم .

ويتكون هدا الانمي من عدة شخصيات كان لها وزنها وثقلها في الأحداث الجميلة ، أولها صلاح الدين ، غالباً ما يستولي على بطولة الأحداث عندما ينقذ أصدقاءه من مآزقهم ، وتربطه علاقة طيبة ممزوجة ببعض المناوشات مع أصدقائه المغامرين ، الدين من بينهم طارق ، صديق الطفولة للبطل ، و الدي صاحبَه مند بداية رحلته في المغامرات والمخاطر ، وفيّ ، مخلص ، شجاع ، كثير الشجار مع أصدقائه خاصة دانكن ، هدا الأخير الدي التقاه صلاح الدين في احدى السجون، وهو من الافرنجة الأجانب ، لكنه يقرر مشاركة صلاح الدين رحلته بعدما يكتشف القواسم المشتركة الكثيرة التي تربطهما ، وفي بعض المغامرات ، نجد شخصية أنثوية ،  تدعى أنيسة ، هده الفتاة التي كانت في بداية الأمر مجرد لصة سوقية ، لكنها فيما بعد تصبح مرافقة للأصدقاء الثلاثة ، وأحياناً نجد براعة في تصوير ايحاءات بسيطة لرومانسية خفيفة تربطها بصلاح الدين .

ومن الجهة الأخرى ، يواجه هؤلاء المغامرون الفضوليون ، بعض المتاعب مع أشرار خطر ، أمثال بهرام ، زعيم قطاع الطرق ، ولصوص القوافل ، وريجنالد ، الدي يقود جيشاً من الافرنجة ، والدي يشكل صلاح الدين عدواً حقيقياً له ، عندما رأى في حلم له أنه يقتله ، فيكرس حياته للبحث عن صلاح والقضاء عليه .

وهدا ليس الا تعريفاً بسيطاً لانمي جعلني أتفاءل ، بغدٍ مشرق ، للواقع الفني العربي ، فيصبح أكثر روعة وجمالاً واحترافية وأخلاقاً ، خاصة فيما يتعلق بالانمي الياباني ، على أمل أن تنتج قناة الجزيرة للأطفال بالتعاون مع شركات الانتاج أمثال الشركة الماليزية التي ساهمت في انتاج " البطل الأسطورة " ، الدي هو فعلاً أسطورة على الصعيد العربي ، فهل يكون هدا البطل الأسطورة منبه استفاقة لـ الانمي العربي ؟