طال غيابي عن الأمل..وطال شوقي للأمل..وأحتاج كثيرا للأمل..

بالرغم من أن اسمي.....أمل

أعود اليوم لبيتي الأمل الذي اشتقت إليه كثيرا..أعود ودموعي مازالت منحدرة على خدي..أعود وأملي مازال راسخا في صدري.أعود لأرويَ لكم قصة خطَّها القدر بمداد من بحر الحياة.

القصة تدور حول رجل طيب قد تجاوز الستين من عمره..

متدين..وقور..محترم..عطوف..بشوش..متسامح..يمضي يومه متنقلا بين المسجد والجمعيات الخيرية،واعظ..معطاء..يمنح دون مقابل..ويعود إلى بيته في الظهيرة،هذا البيت الذي فاح عبق الاحترام والبهجة بين أرجائه..وفي المساء،يتجمع مع أسرته الطيبة.

تبرَّع الطيب بجزء من أملاكه لأعمال خيرية،يقينا منه أن الدنيا دار فناء ولا يبقى منها غير العمل الصالح..لكنه قُُُُـُدِّر له أن يتيقن أيضا أن الدنيا دار ابتلاء...أُصيب الطيب الغالي بجلطة في المُخَيْخ،سببت له فقدان توازن في القدمين..وبدأت رحلة العلاج..ولكن لنا أمل في رب اسمه الرحيم...كان الفاضل الغالي يسارع بقدميه إلى المساجد وإلقاء الدروس والبحث عن من يحتاج إلى مساعدة..كان يسارع إلى الجمعيات الخيرية ليسدَّ النقص فيها..لكنه الآن أصبح يمشي مستندا على عكازين...فقررت أمل أن تكون إحدى هذين العكازين لأبيها الغالي..هذا الأب الذي علمها معنى الإيمان،وسمّاها (أمل).

ومع كل هذا..فإن الغالي المؤمن الراضي بقضاء الله،أصبح لسانه لا يفتر عن الحمد والشكر..لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم..مؤمن بكل ما تحمله الكلمة من معنى..لم يحرك المرض إيمانه قيد أنملة،بل بالعكس زاده إيمانا..

وكلما سألتُه في الصباح عن حاله،يجيبني بالحمد والشكر،ويعجز لساني عن الرد عندما يجيبني بسؤاله: هل سنظل أصحاء،أغنياء،سعداء،مدى الحياة؟ نحن بشر،والدنيا يا ابنتي دار ابتلاء،والفائز هو من صبر واحتسب وآمن بالقدر خيره وشره..حركة قدميَّ يا ابنتي قد تعرقلت،لكن إحساس قلبي وعطائي سيستمر بإذن الله.

هو أبي الذي علمني أسمى المبادئ..هو صديقي الذي ألجأ إليه في عثرات الحياة..هو مدرستي التي أتعلم منها الصبر والكفاح والتجارب والعطاء والإيمان والأمل..هو الغالي الذي أدعو الله له بطول العمر،والشفاء يــــــــــــــــــــــــارب.