عندما يكون قدرنــا أن ننبش في عمق المــاضي لنعرف ونتعرف..يكون قدرنـا ان نتصفح الكتـاب المنسي على الرف ليعود بنـا للوراء ويسـافر بنـا عبر الزمن لنستكشف و نكتشف روعة صفحــات مشرقة من تاريخ الكرة المغـربية ، صفحــات كتبتهـا أقدام لاعبين بأحرف من ذهب لتبقى شــاهدة على قصة إبداع كروية مغربية.. قصص ظلت دومـا مهملة في غياهب النسيان تنتظر من ينفض عليهــا الغبـار الذي ملئ جنباتهـا ومزق أوراقهـا... كــان لابد ان نصل رحمنـا مع تلك الصفحــات والأوراق ونسترجع سيناريوهـات تلك الأيـام نعيشهــا الأحداث بعدمـا تعذر علينـا عيش جميع تفــاصيلهـا في الواقع،و كـان لابد ان نقف وقفة تـأمل لنتذكر ونلقي نظرة على هذا الكتاب الذي نسيه الزمن ونحـاول الغوص في أعمــاقه لنشتم رائحة عبق التـاريخ الكروي الذي كتبه أبطــال مغــاربة دخلو التاريخ من أوسع ابوابه ورفعو علم المغرب مبكرا بين الأمم.
هي قصة بدأت بعد ان أشرقت أنوار الإستقلال على بلاد المغرب الأقصى وتكسرت قيود الإستعمــار وزالت ظلمــات الإحتلال، قصة إبداع مغربية صنعتهـا أقدام رفعت علم المغرب في المحـافل الدولية ليكون المغرب دائمـا في القمة دومـا يزاحم باقي الأمم على مجد الكرة الســاحر، تــاريخ يشهد بالسبق لمنتخب الأحرار بأنه اول من غــاص في عمق الإنجـازات الأفريقية و اول من عبر البحر ورفع أسم أفريقيا خـارج أسوارهـا بعدمـا صـال وجـال الأسد الأطلسي في أدغــال أفريقيا وأثبت تفوقه على خصومه وأكد جدارته وأحقيته في إعتلاء مجد وعرش أفريقيا رغم انه لم ينفض بعد غبـار الثورة والحرب لإستراجع الأرض أثبت جدارته مبكرا وهو الذي لم يتخلص من ويلات وأثــار الإحتلال إلا بسنوات معدودة.
سأكـون مفتخرا وسعيدا ان أكتب عن تــاريخ الأســود عن مجد أفريقيا عن لاعبين صنعو التــاريخ عن صفحـات لا تنسى بحلوهـا ومرهـا سأكون سعيدا وانــا أكتب عن رحلات ومغــامرات الأسد الأطلسي نحو المونديال العــالمي مغــامرات بدأت في السـاعات الأولى من فجر الإستقلال في بداية الستينات بإقصائيات مونديال التشيلي 1962 حينمـا إلتهم الأسد كل خصومه الأفارقة قبل ان يغرق به المركب في عرض المتوسط بعدمـا خــانته التجربة ضد عملاقة الريـال مدريد وتمرس الإسبــان لكن من طبع الأسد انه لايــأس مع الحيـاة ولا حيــاة مع اليأس، فالأسد الأطلسي لم تتوقف مغـامراته عند هذا الحد بل إستمر دومــا في الإبداع والإمتــاع واضعــا هدف المونديال نصب أعينه وهذا مــا تحقق للأسود بعدمـا كان لهم السبق في هذا التأهل بعد إقصـائيات أفريقية متعبة في ادغـال القـارة وخـارجهـا.
تلك كـانت البداية والقصة مستمرة ولن تنتهي حتى يرث الله الأرض ومـا عليهــا، في هذه الفسحة سنطـالع في هذه الصفحـات ونتحدث عنهـا بلغة الأرقـام والذكريات، في هذه المسـاحة سنتحدث عن مغــامرات الأسد الأطلسي مع مونديـــال الكرة الســاحرة، أكبر تجمع كوني والحدث الرياضي الأبرز على مستوى العــالم إن لم يكن الأبرز في كل المجــاللات.نتمنى أن نوفق في سرد حكاية هذه المغامرات وان نقربكم بأحداث وتفــاصيل هذه القصة بلغة الأرقـام والإحصــاءات.
نبذة تاريخية حول نهائيات كأس العــالم.
عزز الصدى الكبير الذي تركته مسابقة كرة القدم في الألعاب الأولمبية عامي 1924 و1928، جهود الفيفا لتنظيم بطولة على الصعيد العالمي. وكان رئيس الفيفا الفرنسي "جول ريميه" القوة الدافعة في البحث عن الوسائل لتحقيق هذا الحلم. وبعد إقتراح من اللجنة التنفيذية، قررت الجمعية العمومية في الفيفا في 28 مايو 1928 في أمستردام إقامة بطولة العالم : فولدت كأس العالم.
وبعد عام واحد، تم اختيار أوروجواي، بطلة الألعاب الأولمبية مرتين والتي كانت تخطط للإحتفال بالذكرى المئوية لإستقلالها عام 1930، لتنظيم أول بطولة لكأس العالم . ولم يلق قرار الفيفا بإقامة أول بطولة لكأس العالم في أوروجواي إجماعاً حيث كانت أوروبا في خضم أزمة إقتصادية في ذلك الوقت وكانت المشاركة في نهائيات كأس العالم تتطلب رحلة بحرية طويلة للوصول إلى أوروجواي.
بالإضافة إلى ذلك، كان هذا الأمر يعني بالنسبة لبعض الأندية التخلي عن أفضل لاعبيها لمدة شهرين - وهي المشكلة التي لا تزال قائمة حتى اليوم. عموماً، فإن تنظيم أول نسخة لكأس العالم كان مختلفاً إلى حد ما عن أيامنا هذه - حيث تمت دعوة المنتخبات الـ13 للمشاركة ولم تقم أي تصفيات فيما لم تجرى القرعة النهائية إلى أن وصلت جميع المنتخبات إلى أوروجواي.
هذا العرس الكروي عرف مشاركة أربعة منتخبات أوروبية فقط بعد أن تكبدت مشقة السفر بحرا لفترة طويلة،ولأن الحضور الأوروبي كـان ضعيفا فقد إعتذرت الأوروغواي عن التوجه صوب إيطـاليا للعب الأدوار النهائية من النسخة الثانية من نهائيات كأس العـالم سنة 1934 وذلك إحتجاجا على مقاطعة أوروبا للنسخة الأولى التي أقيمت بالأوروغواي لتكون نسخة 1934 هي النسخة الوحيدة في تاريخ المونديال يغيب عنهـا حـامل اللقب وقد تضامنت كل من بوليفيا والبارغواي مع الأوروغواي وأعلنتا إنسحابهمـا من التصفيات المؤهلة للمونديال والتي شـارك فيهـا 32 منتخبا تأهل منهم 16 منتخب للنهــائيات.
بدايات كأس العـالم كـانت عسيرة وتزامنت مع الحرب العـالمية الثانية للتوقف مدة 12 سنة كـالمة وتعود في سنة 1950 من بوابة البرازيل بعد إجتماع عقدته الفيفا في سنة 1946 في اللوكسوبورج لتحديد البلد المنظم للنسخة الرابعة من نهائيات كأس العـالم،وفي سنة 1949 تقرر إلغـاء نظـام غروج المغلوب وتعويضه بالدور التمهيدي وهذا ما أدى إلى إنسحاب منتخب الأرجنتين الذين كان قد أحرز ثلاثة ألقاب لكأس أمريكا اللاتينية كمـا إنسحب الإتحـاد السوفياتي لأسباب سياسية، ومع عـودة البطولة عــاد اللقب لعرينه الأول الأوروغواي الذي عــادل رقم إيطــاليا في عدد الألقـاب لقبين لكل منهمـا ويبقى اللقب في قـارته للمرة الرابعة على التوالي حيث فـازت به إيطاليا مرتين على التوالي في 1934 على أرضهـا وفي 1938 من فرنسـا بينمـا الأوروغواي حقق اول نسخة سنة 1930 على أرضهـا والنسخة الرابعة سنة 1970 من جـارتها الأمريكية الجنوبية البرازيل.
مع حصول البلدان الأافريقية والأسيوية على الإستقلال من الاطمـاع الأوربية وإنتشار اللعبة في القارتين بدأت البطولة تستقطب منتخبات أكثر بإنظمامهــا الإتحـادات الكروية بهاتين القارتين للفيفا حيث كـانت سنة 1954 هي السنة التي عرفت مشاركة أول منتخب أسيوي في كاس العـالم بسيوسرا ويتعلق الأمر بكوريا الجنوبية التي تفوقت على اليابان في التصفيات بواقع تعادل في سيول بهدفين لكل المنتخب وإنتصار بطوكيو بخماسية لهدف واحد.
نبذة تـاريخية حول التصفيات المؤهلة لكأس العـالم في القــارة الأفريقية والدول العربية.
بعد مشاركة مصر في مونديال 1934 بإيطــاليا خرج منتخب فلسطين والإنتداب البريطاني من تصفيات منديال 1938 بفرنسا ضد اليونان وبعد توقف للمونديال دام 12 سنة بسبب الحرب العالمية الثانية التي إجتاحت أوروبا وباقي دول المعمور عاد منتخب سوريا ومصر للتصفيات حيث أقصي الأول من تصفيات منديال البرازيل 1950 أمام تركيا فيما خرج الثاني من التصفيات المؤهلة لمنديال سويسرا 1954 أمام إيطاليا وخرجت السودان وسوريا معا من تصفيات منطقة أفريقيا وأسيا المؤهلة لمنديال السويد 1958 ،وفي تصفيات مونديال التشلي 1962 عرفت مشاركة أفريقية مكثفة تمثلت في منتخبات المغرب وغـانا ونيجيريا وتونس وأثيوبيا التي خسرت السباق ضد الكيان الصهيوني فلسطين المحتلة.
المنتخب الوطني وكأس العــالم
دخل المغرب سباق التصفيات بعدما نالت بلاده الإستقلال عام 1956 وقبول الإنضمام الرسمي للأتحاد المغربي للعبة الذي تأسس في 17 يوليوز 1956 للفيفا في أواخر 1959 وأوائل 1960 ليدخل المنتخب المغربي غمار تصفيات المنديال لأول مرة في تاريخه في التصفيات المؤهلة للتشيلي 1962 ورغم أنه كان حديث العهد في التصفيات إلا أنه حصد الأخضر واليابس في طريق التصفيات فبعد أن أزاح منتخب تونس جاء الدور على منتخب غانا الذي كان قد تفوق على نيجيريا فحقق منتخب المغرب الريادة إفريقيا وتخطى الغانين ليتأهل للقاء السد الأرور إفريقي ضد منتخب أسبانيا الذي كان مرصعا بنجوم البارسا والريال في ذلك الوقت فخرج المغرب من تلك المبارة بهزميتين الأولى في الدار البيضاء ب 1 ل 0 واخرى في البيرنابيو ب 3 ل2 وقد قدم المغاربة أداء رجوليا بقيادة مدربهم العربي بن بارك لولا قلة الخبرة والتجربة لدخلو التاريخ من أوسع أبوابه.
وبعدما قاطعت المنتخبات الأفريقية تصفيات منديال 1966 بإنجلترا إحتجاجا على إلزامهم على خوض لقاء سد ضد منتخب أروبي قبل حضور المنديال فنجح الإفريقيون بإحتاجهم ونالو مطلبهم في تصفيات النسخة 9 من المنديال التي أقيمت بالمكسيك سنة 1970 ليضرب المنتخب المغربي موعدا مع التاريخ بعدما كان ممثل إفريقيا الوحيد في المنديال، هذا الأمر الذي لم يكن يكن هينا فقد واجه المغرب صعوبات كبيرة في مساره التصفوي خصوصا في مبارته الثانية ضد تونس والتي لم تحسم إلا بعد لقاء فاصل بمرسيليا وبعدها تفوق المنتخب المغربي على السودان و نيجيريا بعدما تفوق على السنغال في الدور الأول. ليكون المنتخب المغربي أول منتخب إفريقي وعربي يتأهل لمنافسات كأس العالم بعد تصفيات إفريقية قوية ، ويعود بذلك العرب للمنديال بعد غياب دام قرابة الأربعين سنة.
وأضع بين ايديكم مسار المنتخب المغربي في التصفيات المؤهلة للمنديال والنهـــائيات بالتفاصيل الكــاملة من خلال موسوعة الأسود والمونديال.
|