بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أجل َّ المرسلين محمد ٍ وعلى آله ِ وصحبه ِ الطيبين الطاهرين
وعلى أصحابه ِ الكرام المنتخبين .
أما بعد ...
اريد اليوم أن أتحدث قليلا عن عدم تمكن القواعد العامة من تنظيم العلاقة الكرائية ، فقط اريد أن أشير أن المعلومات
التي سوف أذكرها ليس من نسج الخيال أو من المعلومات العادية من طالب غير قانوني ، اعتمدت في كتابة هذا المقال
بعض قراءة بـعض الكتب تتحدث عن الموضوع المراد دراسته.
إن المشرع و هو يضع نصوص قانون الإلتزامات و العقود في المغرب، كان ينظر بعين الاعتبار لكل الظروف الموضوعية
التي يمر بها المجتمع، خاصة على المستوى الإقتصادي و الإجتماعي، و لذا فإن هذا القانون عامة و الفصول المنظمة لعقد الكراء خاصة ،جاءت
مسبوغة بتعاليم المذهب الفردي و مقدسة لحرية الإرادة. و هذا الأمر يمكن قبوله إلى حد ما بالنسبة لعقود الكراء السكنية، لأنها كانت تبرم في ظل
وضع يغلب عليه التوازن بين العرض و الطلب و ينعدم فيه الاستغلال والمضاربة،لذا فلا يجادل أحد في الشريعة العامة le droit commun
بما أتت به من أحكام و نصوص قانونية، كانت كافية لتنظيم العلاقة الكرائية سواء بالنسبة للمتعاقدين على المحلات المعدة للسكنى أو تلك المتعلقة
بالاستغلال المهني، مادام أنه بقي للمكتري مجال من الحرية لإختيبار شخص المكري و يناقش شروطه.
و لاشك أنه في ظل ظروف ستاتيكية كهذه، لا مجال للقول بأن المشرع سيتذحل و يصدر قوانين معدلة أو ملغية لتلك التي جارى بها العمل،
لأن ذلك قد يعتبره البعض من باب المضاربة الفكرية ليس إلا.
و لكن الذي حدث أن الظرف الاجتماعية و الاقتصادية، بل و حتى السياسية تغيرت بشكل جدري خلال مرحلة جد قصيرة بشكل يظهر للعيان
أن النصوص المنظمة لعقود الكراء على الخصوص، أصبحت متجاوزة و غير لائقة لتنظيم العلاقة التعاقدية في هذا الباب، بسبب الإختلال
الذي وقع، ذلك أنه مع اندلاع الحرب العالمية الأولى تعرض للميدان السكني لتدهور بسبب قلة مواد البناء و تحول الصناعة من صناعة مدنية
إلى صناعة عسكرية، و تحزلت اليد العاملة من القطاعات الميدانية إلى مصانع الآلات و المعدات الحربية، هذا بالاضافة إلى زحف اليد العاملة
الأجنبية من أروبا إلى البلدان المحمية أو المستعمرة كالمغرب و غيره من الدول الأفريقية و الأسيوية، فكان لابد من تنشيط عملية الكراء السكني
و المهني و ان يفوق الطلب العرض، و بالتالي تغليب موقف المالك على المكتري. و من ثم أضحت الحرية في تحديد الوجيبة الكرائية مقصورة
من الناحية الواقعية على المكري، و ما على المكتري إلى الإذعان أو الانسحاب.
و من ثم بدا أن نصوص قانون الإلتزامات و العقود المنظمة لعقد الكراء عامة و السومة الكرائية على الخصوص مجاوزة و غير مسايرة للتطور
الذي وصل إليه المجتمع المغربي، و هذا ما دفع بالمشرع إلى إصدار قوانين نذكر منها بالخصوص : - ظهير 5 ماي 1928 باتخاذ تدابير وقتية
متعلقة بعقود الإيجار . - ظهير فاتح نوفمبر 1939 المنظم للعلائق بين المكرين و المكترين أثناء فترة الحرب. - ظهير 10 فبراير 1941 الناص
على تدابير خاصة بالنسبة للوجيبات الكرائية. - ظهير 17 أبريل 1943 الناص على تدابير خاصة بالسنسبة لأكرية المحلات المعدة للسكنى
بالمدن الأهلية و الأحياء الأهلية للمدن الجديدة. - ظهير 30 يونيو 1955 بشأن أثمان كراء مساكن السكنى الكائنة بالمدن الجديدة.
الهدف منها مجابهة التحديات التي فرضت على المجتمع المغربي، و كان أول تذخل عنيف من المشرع هو إصدار لقانون 1920 الذي زجر
به المضاربة غير المشروعة في المجال الكرائي، ثم تلاه بنفس الحدة قانون 1928 الذي حد بشكل صريح من حرية الإرادة في كراء الأماكن
المعدة للسكنى والاستعمال المهني و التجارة و الحرف و الصناعة.
وإننا لنسأل الله سبحانه، في هذه الأجواء الروحانية لشهر رمضان المبارك الذي حل بحول الله،
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، أن يجعلنا من " الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.
أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.