بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أجل َّ المرسلين محمد ٍ وعلى آله ِ وصحبه ِ الطيبين الطاهرين
وعلى أصحابه ِ الكرام المنتخبين .
أما بعد ...
اريد اليوم أن أتحدث قليلا عن القواعد القانونية المحددة للوجيبة الكرائية ، فقط اريد أن أشير أن المعلومات
التي سوف أذكرها ليس من نسج الخيال أو من المعلومات العادية من طالب غير قانوني ، اعتمدت في كتابة هذا المقال
بعض قراءة بـعض الكتب تتحدث عن الموضوع المراد دراسته.
ينض الفصل 628 من قانون الإلتزمات و العقود المغربي على أنه يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء و على الأجرة و على غير
ذلك، مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد.
إن الدارس لهذا الفصل يجد نفسه أمام قواعد كلاسيكية يكاد لا يخلو منها أي فصل ينظم علاقة تبادلية بين الطرفين، سواء تعلق الأمر
بالبيع أو الكراء أو غير ذلك من العقود المسماة، إذ الأساس الذي ينبني عليه التعامل في ظل نظام يخضع لمنطق الحرية الإقتصادية
هو مبدأ سلطان الإرادة. و عليه فإن الفصل 628 يجعل عقد الكراء صحيحا و ناجزا بمجرد توافر شرطي الرضى و التراضي.
و مما يجب التذكير به أن جل القوانين العربية المتأثرة بمدونة نابليون، أفردت نصا خاصا لمثل هذه المبادئ. و هكذا مثلا، تنص
المادة 89 من القانون المدني المصري على أنه يتم العقد بمجرد تبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره
القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد.
و عليه، فإن هذه المادة، كمثيلاتها، تجعل من مبدأ سلطان الإرادة المحور الأساسي التي تنبني عليه الفلسفة القانونية في التشريعات
المدنية العربية عامة و المغربية خاصة.
و بالإرادة الحقيقية وحدها توجد آثار و أحداث قانونية كذلك، فمتى وجدت إرادة حقيقية، باطنية كانت أو ظاهرة، متطابقة، تمت أهم أركان
العقد و نشأ التزام متبادل بين الطرفين.
و مجمل القول ، إن الفصل 628 من قانون الإلتزمات و العقود المغربي يعد في حقيقة الأمر، تكريسا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، هذا المبدأ
الذي يرتكز على المساواة القانونية أكثر من اهتمامه بالمساواة الإقتصادية.
و من نافلة القول إن القواعد القانونية التي بمقتضاها يتم تحديد الوجيبة الكرائية في ظل قانون الإلتزامات و العقود، إنما هي قواعد تقوم على
مبدأ الرضائية و العقد شريعة المتعاقدين، مما يجعل المتعاقدين يخضعون لقانون العرض و الطلب، هذا القانون الذي أثبت الواقع عدم مواكبته
للتطورات السياسية التي عرفها المغرب، لا سيما في ظل الإتجاهات الاجتماعية التي تسود القوانين الوضعية في مختلف الأقطار.
وإننا لنسأل الله سبحانه، في هذه الأجواء الروحانية لشهر رمضان المبارك الذي حل بحول الله،
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، أن يجعلنا من " الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.
أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.