بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أجل َّ المرسلين محمد ٍ وعلى آله ِ وصحبه ِ الطيبين الطاهرين
وعلى أصحابه ِ الكرام المنتخبين .
أما بعد ...
اريد اليوم أن أتحدث قليلا عن مكان أداء الوجيبة الكرائية، فقط اريد أن أشير أن المعلومات
التي سوف أذكرها ليس من نسج الخيال أو من المعلومات العادية من طالب غير قانوني ، اعتمدت في كتابة هذا المقال
بعض قراءة بـعض الكتب تتحدث عن الموضوع المراد دراسته.
ينص الفصل 666 من قانون الإلتزامات و العقود المغربي على أنه يدفع الكراء بالنسبة إلى العقارات في المكان الذي توجد فيه
العين المكتراة، وبالنسبة إلـى المنقولات في مكان إبـرام العقد.وذلك كـله ما لم يشترط خلافه.
و عليه، و تبعا لهذه المادة، فإن المشرع المغربي أجاز جميع وجوه الأداء، حيث ترك للمتعاقدين مطلق الحرية في تحديد مكان أداء الوجيبة
الكرائية، سواء كـان هذا المكان مكان وجود العين المكتراة أو أي مكان آخر.
و لكن، ماذا لو لم يتفق الطرفان على مكان الأداء، فهل نطبق قاعدة أن الدين يطلب و لا يحمل، و بالتالي يتحتم على المكري الانتقال
إلى مكان وجود المكتري ليستوفي منه الوجيبة الكرائية، لا فرق بين أن يكون هذا المكان محل وجود العقار أو مكان آخر ينفذ
في المكتري التزاماته المالية كمقر عمله أو مكتب المخابرة أو ما شاكل ذلك حتى و لو كان بعيدا عن موقع العقار المكتري ؟
لقد سبق للمجلس الأعلى المغربي في أحد قرارته أن اتجه إلى أن مبلغ الكراء يطلب و لا يعرض و بالتالي فلا يمكن التصريح بفسخ عقد
الكراء طبقا للفصل 692 من قانون الإلتزامات و العقود إلا إذا أثبت أن المكري طالب المكتري بالأداء فرفض.
عندما تصرح المحكمة بفسخ عقد الكراء و بالإفراغ بعلة أن المكتري يعترف بعمارة ذمته ولم يدل بما يثبت أنه كان يعرض الكراء
على المكري، فإنـها تكون قـد خـرقت هذه المقتضيات .
و الملاحظ ان قـاعدة الدين يطلب و لا يعرض لا تستند عـلى أساس تشريعي صريـح، إلا أنها لا تعدو أن تـكون تأويلا
مستمدا مـن مقتضيات الفصل 666 من قانون الإلتزامات و العقود المغربي.
ومجمل القول، إن مكان أداء الوجيبة الكرائية كما قد يكون مكان إبرام العقد، فـإنه قـد يـكون مكان وجود العقار بحسب
الأصل، إلا أنه لا يوجد ما يمنع أن يكون مكان الأداء موطن المكتري أو المكري أو أي موطن مختار متفق عليه.
عـلى أنـه فـي غياب أي اتفاق يـتم الأداء فـي مكان وجود المحل المكتري مصاريف الدفع في الحالة التي يتم الأداء عن طريق
وسيط. في حين يتحمل المكري ضمانات قبضها من مصاريف التنقل و الاستيفاء في الإيداع إذا كان الأمر يتطلب ذلك.
وإننا لنسأل الله سبحانه، في هذه الأجواء الروحانية التي تسبق، شهر رمضان المبارك الذي اقترب حلوله،
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، أن يجعلنا من " الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.
أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.