محاضرات الأستاذ الدكتور عمار بوضياف
قسم القانون العام
النشــــاط الإداري .
إن مهام ووظائف الإدارة عديدة ومتنوعة وتختلف حسب النظام السياسي. وهي محل اهتمام كل من علماء الإدارة والقانون الإداري والمهتمين بالعلوم السياسية. واذا كان علم الإدارة يهتم خاصة بوظيفة التخطيط والتنفيذ. فان فقهاء القانون الإداري يهتمون بالإدارة من حيث نشاطها وأموالها وموظفيها ومنازعاتها باعتبارها شخصا من أشخاص القانون الإداري.
والحقيقة أيا كانت وظائف الإدارة ومهامها، فان نشاطها يظل مرصودا لخدمة الجمهور، والا لماذا عمدت السلطة العامة الى تزويد الإدارة بالجانب البشري والجانب المادي وأحاطتها بنسيج من النصوص القانونية بما يساعدها على القيام بمهمتها.
وتوفير الخدمة للجمهور يمكن أن يتم من خلال إنشاء مرفق عام تعود منافعه عليه (الجمهور). ويمكن أن يتم بإلزام الإدارة الأفراد بالقيام بعمل معين أو الإمتناع عن سلوك محدد. وقد اصطلح الفقه على النوع الأول من الأعمال بالنشاط الإيجابي (نظرية المرفق العام). أما النوع الثاني فقد اصطلح عليه بالنشاط السلبي (نظرية الضبط الإداري).
وتبعا لذلك قسمنا هذا الفصل الى مبحثين. تناولنا في :
المبحث الأول: المرفق العام.
المبحث الثاني: الضبط الإداري.
المبحث الأول:
المرفق العام.
تقتضي دراسة نظرية المرفق العام استعراض مفهومه وتطور هذا المفهوم وإبراز عناصره. كما تقتضي التطرق لأنواع المرافق ونظامها القانوني وطرق إدارتها.
وعليه فضلنا تقسيم هذا المبحث إلى ستة مطالب سنتناول في :
المطلب الأول : مفهوم المرفق العام.
المطلب الثاني : تطور وظيفة الدولة وأثره على مفهوم المرفق.
المطلب الثالث : عناصر المرفق العام.
المطلب الرابع: أنواع المرافق العامة.
المطلب الخامس: النظام القانوني للمرافق العامة.
المطلب السادس : طرق إدارة المرافق العامة.
المطلب الأول : مفهوم المرفق العام.
في البداية ينبغي التذكير إن لفكرة المرفق العام علاقة وثيقة بالقانون الإداري كفرع من فروع القانون. وهذا ما رأيناه عند دراسة أسس القانون الإداري. حيث استندت مدرسة المرفق العام لهذه الفكرة القانونية واعتبرتها أساسا لتحديد نطاق القانون الإداري و تطبيق أحكامه.
كما اعتمد عليها أيضا لرسم مجال اختصاص كل من القضاء العادي والقضاء الإداري. واعتبرت مدرسة المرفق العام الدولة بمثابة جسم خلاياه المرافق العامة. ويعتبر المرفق العام أكثر المفاهيم القانونية غموضا وإثارة للجدل. فمن الفقهاء من ارتكز على معيار الوظيفي. ومنهم من استند في تعريف المرفق العام الى معيار العضوي ومنهم من مزج بين الأول والثاني.
المعنى العضوي : يقصد بالمرفق العام تبعا لهذا المعنى كل منظمة عامة تنشئها الدولة وتخضع لإدارتها بقصد تحقيق حاجات الجمهور. ومن هنا جاز اعتبار كل من مرفق القضاء والأمن والدفاع وغيرها مرافق عامة لأنها منظمات أنشأتها الدولة بغرض أداء خدمة للجمهور. [1] ويتصف هذا المعنى بالشمولية والإطلاق حتى أن الدكتور أحمد محيو قال عنه يقصد بالمرفق العام تبعا لهذا المفهوم الإدارة بشكل عام. [2]
المعنى الوظيفي أو الموضوعي: يقصد بالمرفق العام بالنظر للمعيار الموضوعي كل نشاط يباشره شخص عام بقصد إشباع حاجة عامة [3] ومن ثم تخرج عن نطاق هذا التعريف سائر النشاطات الخاصة كالمؤسسة الخاصة كما يخرج عنه المشروعات التي تستهدف فقط تحقيق الربح.
المطلب الثاني : تطور وظيفة الدولة وآثارها على مفهوم المرفق العام .
عند ظهور فكرة المرفق العام خلال القرن التاسع وبداية القرن العشرين لم تكن على درجة من الإبهام والغموض كالذي نراه الآن. خاصة وأن وظائف الدولة في تلك المرحلة كانت واضحة ودقيقة ولأن المرافق العامة في بداية الأمر كانت تتسم بارتباطها بمظهر سيادة الدولة الأمر الذي جعل الفقهاء يجمعون على خضوعها للقانون العام. غير أن تطور وظيفة الدولة طرح إشكالا قانونيا في غاية من العمق. هل يصح اعتبار المرافق الاقتصادية من قبيل المرافق العامة ومن ثم نخضعها هي الأخرى لقواعد القانون العام، أم أنها تخرج أصلا عن عداد المرافق العامة؟
في الحقيقة ليس من السهل الفصل في هذه الإشكالية بعيدا عن فكر وخلفية كل فقيه بخصوص الوظائف الأساسية للدولة. وإذا كانت المرافق ذات الطابع الإداري لم تطرح من حيث الأصل إشكالية بشأن خضوعها للقانون العام، فان الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للمرافق الاقتصادية خاصة وأنها تخضع في نشاطها لكثير من قواعد القانون الخاص.
ولقد سئل الفقيه ديجي عن النشاطات التي يمكن وصفها بالمرفق العام فرد قائلا:
" أنه لا يمكن إعطاء جواب ثابت لأن هناك شيء ما يتغير بصورة أساسية كل ما يمكن قوله هو أنه بقدر نمو المدنية يزداد عدد النشاطات القابلة لأن تستخدم كأساس للمرافق وينمو بالتالي عدد المرافق". ومشابه لهذا القول ما ذهب اليه الدكتور أحمد محيو " ان مفهوم المرفق العام لا يمكن أن يكون مفهوما قانونيا مجردا أو حياديا وليس له معنى الا في ضوء محتواه والغايات الاقتصادية والاجتماعية التي أسندت له والتي يجب تحديدها..1. . ويعني ذلك أن لهذا المفهوم علاقة بكل مسألة من مسائل القانون الإداري، فالقرار الإداري هو الذي يتصل موضوعه بالمرفق العام. وتكون المسؤولية إدارية إذا كانت ناتجة عن مرفق عام [4]. والعقد الإداري هو الذي يبرمه مرفق عام [5]. والنزاع الإداري هو الذي يكون أحد أطرافه شخص من أشخاص القانون العام وهكذا. ولقد خص الدكتور سليمان محمد الطماوي أهمية فكرة المرفق العام على الصعيد القانوني قائلا " إن نظرية المرفق العام تؤدي دورها كاملا ومن ينكرها فإنما يتنكر لكافة قواعد القانون العام والتي بنيت على أساس الأحكام الضابطة لسير المرافق العامة ".
المطلب الثالث : عناصر المرفق العام .
1- المرفق العام تنشأه الدولة :
إن كل مرفق عام تحدثه الدولة. ويقصد بذلك أن الدولة هي التي تقدر اعتبار نشاط ما مرفقا عاما وتقرر إخضاعه للمرافق العامة بناءا على قانون معين. وليس من اللازم أن يكون كل مشروع تحدثه الدولة أن تتولى هي مباشرة إدارته، فكثيرا ما تعهد الإدارة إلى الأفراد أو شركة خاصة بأداء خدمة عامة تحت إشرافها وهو الوضع الذي يجسده نظام الامتياز أو الشركات المختلطة وسنفصل في هذا الأمر عند دراستنا لطرق تسير المرفق.
ويفترض في المرفق العام الذي تتولى الدولة احداثه أن يكون على قدر من الأهمية والا لكان قد ترك الأفراد. وفي هذا المعنى قدم الفقيه ديجي وصفا للمرفق العام باعتباره نشاطا بأنه: أنواع النشاط أو الخدمات التي يقدر الرأي العام في وقت من الأوقات وفي دولة معينة أن على الحكام القيام بها نظرا لأهمية هذه الخدمات للجماعة. ولعدم إمكان تأديتها على الوجه الأكمل بدون تدخل الحكام. [6]
2- هدف المرفق هو تحقيق المصلحة العامة :
عرفنا سابقا أن المرفق العام مشروع يستهدف تحقيق مصلحة عامة. وهذا العنصر هو أكثر العناصر إثارة للجدل من جانب الفقهاء.
ذلك أن المصلحة العامة هي هدف كل وظيفة إدارية، بل وحتى المؤسسات التي تسيرها الدولة والتي تكون غايتها تجارية بحتة كالمؤسسات الإقتصادية انما تسعى الى تحقيق المصلحة العامة.
كما أن المصلحة العامة ليست حكرا على الإدارة فمن الوظائف التي يمارسها الأشخاص العاديون ما تتصل كذلك بالمصلحة العامة كخدمات البناء والنقل.
ولقد اقترح الفقه معيارا للخروج من هذه الإشكالية فإذا كانت المصلحة العامة تمثل الغاية الأولى من النشاط الذي يقوم به الشخص القانوني وتوفرت الأركان الأخرى يتكون المرفق العام. أما إذا كانت المصلحة العامة تمثل غاية ثانوية لهذا النشاط فان الوظيفة لا ترتقي إلى منزلة المرفق العام.
يقول René Chapus ريني شابي في هذا الصدد: (إذا كانت الوظيفة تمارس أساسا لصالح الغير فإنها تمثل مرفق عاما . وإذا كانت تمارس أساسا للصالح الذاتي للمصلحة التي تتبعها فإنها تمثل وظيفة لصالح النفع الخاص. [7]
ويترتب على تمييز المرفق بهذا الوصف أن كل مرفق عام ينبغي أن يخضع الى مبدأ المجانية. ولا يقصد بذلك عدم وجود مقابل بل القصد أن فرض مقابل ما ليس هو الغاية المقصودة من خلال القيام بالنشاط. أي أن المجانية لا تفيد هنا انعدام المقابل انعداما تاما، بل تفيد فقط أنه ليس من الضروري أن يكون المقابل مساويا للتكلفة المالية للمرفق العام. فعندما يلزم الطالب في الجامعة مثلا بدفع رسوم رمزية كل سنة جامعية فان ما قدمه لا يغطي أبدا الخدمات التي ينتفع بها من مرفق التعليم العالي.
3- خضوع المرفق لسلطة الدولة :
سبقت الإشارة أنه ليس كل مشروع يهدف الى تحقيق النفع العام يعد مرفقا عاما، لأن هناك من المشروعات الخاصة ما يعمل على تحقيق النفع العام كالمدارس والجامعات الخاصة والجمعيات.
ومن هنا تعين أن يتصف المرفق العام بصفة أخرى تميزه عن غيره وهي خضوعه للدولة. وهو ما يترتب عليه أن لهذه الأخيرة وهيئاتها ممارسة جملة من السلطات على المرفق سواء من حيث تنظيمه وهيكلته أو من حيث نشاطه. فالدولة هي من تنشئ المرفق، وهي من تحدد له نشاطه وقواعده تسييره وعلاقته بجمهور المنتفعين، ومن حيث بيان سبل الانتفاع ورسومه (السلطة على نشاط المرفق).
والدولة هي من تضع التنظيم الخاص بالمرفق وتبين أقسامه وفروعه وتعين موظفيه وتمارس الرقابة على النشاط وعلى الأشخاص (السلطة على المرفق كهيكل).
4- خضوع المرفق لنظام قانوني متميز:
إن المشروع الذي رصد لتحقيق مصلحة عامة وأنشأته الدولة و تولت هي إدارته مباشرة أو عهدت به إلى أحد الأفراد أو الشركات انما يحكمه نظام قانوني خاص. وما أجمع عليه الفقهاء أن هذا النظام يختلف من مرفق إلى آخر. حسب طبيعته [8] غير أن هناك قواعد مشتركة تحكم المرافق جميعا سنتولى توضيحها عند دراسة النظام القانوني للمرافق العامة. ويجدر التنبيه أن بعض الفقهاء اعتبر خضوع المرفق لنظام قانوني متميز بمثابة الأثر المترتب على كونه مرفق عاما فهو إذن نتيجة ولا يمكن اعتباره عنصرا من عناصر المرفق العام.
المطلب الرابع : أنواع المرافق العامة .
يمكن تقسيم المرافق العامة من زوايا متعددة سواء من حيث طبيعة نشاطها أو السلطة التي تنشئها أو لاختلاف دائرة نشاطها نستعرض هذه الأنواع فيما يلي:
أولا : تقسيم المرافق من حيث طبيعة أو نوعية النشاط.
من حيث هذه الزاوية يمكن تقسيم المرافق إلى مرافق إدارية وأخرى اقتصادية ومرافق ثقافية وأخرى مهنية.
1- المرافق الإدارية : وهي المرافق التي تؤدي الخدمات المرفقية التقليدية وقد لازمت الدولة منذ زمن طويل وعلى رأسها مرفق الدفاع والأمن والقضاء ثم مرفق الصحة والتعليم. وهذه المرافق عادة ما تتسم بارتباطها بالجانب السيادي للدولة الأمر الذي يفرض قيامها بهذه النشاطات وأن لا تعهد بها الأفراد بما في ذلك من خطورة كبيرة.
ورغم قدم هذا النوع من المرافق إلا أن الفقه لم يهتد لوضع معيار دقيق يمكن توظيفه والاعتماد عليه لمعرفة هذا النوع من المرافق على الأقل. وتكمن صعوبة وضع معيار في اختلاف نشاطات المرافق ذات الطابع الإداري. لذلك ذهب بعض الفقهاء إلى القول أن المرافق الإدارية هي مجموعة المرافق التي لا تدخل في عداد بقية أنواع المرافق الأخرى وهو ما أطلق عليه بالتحديد السلبي للمرافق.
فهذا الفقيه ديلوبادير يعرفها، بأنها " تلك المرافق التي لا تعتبر مرافق صناعية أو تجارية أو مهنية " وعرفها الدكتور فؤاد مهنا بأنها " المرافق التي يكون نشاطها إداريا وتخضع في تنظيمها وفي مباشرة نشاطها للقانون الإداري وتستخدم وسائل القانون العام [9].
والمرافق الإدارية في غالبيتها تتميز بأن الأفراد لا يستهويهم نشاطها فلا يتصور أن يبادر الأفراد إلى إنشاء مرفق للأمن أو القضاء فهذا النوع من النشاط دون غيره يجب أن يلحق بالدولة ويدعم ماليا من قبلها ويسير أيضا من جانبها بصفة مباشرة. ولا يمكن لدولة أن ترفع يدها عن هذا النوع من النشاطات لأنها تدخل ضمن وظيفتها الطبيعية أو واجباتها تجاه الأفراد. ولقد أحسن أستاذنا الدكتور محمد سليمان الطماوي الوصف عندما قال إن هذا النوع من المرافق شيد على أساسها نظريات القانون الإداري الحديث [10] .
وهو أمر أكدنا عليه أكثر من مرة ذلك أن الدارس للقانون الإداري في كل محور من محاوره كثيرا ما تصادفه فكرة المرفق العام ذو الطابع الإداري سواء عند التطرق للقرار الإداري أو العقد الإداري أو المنازعة الإدارية أو المال العام أو سلطات الإدارة وغيرها. وتتميز هذه المرافق عن غيرها أيضا أنها تخضع من حيث الأصل للقانون العام في سائر نشاطاتها لأنها تستخدم وسيلة القانون العام. وهو ما اتضح جليا من التعريف المذكورة للدكتور فؤاد مهنا.
واذا كان من الثابت فقها وقضاء أن المرفق الإداري يخضع على سبيل الاستثناء لقواعد القانون الخاص، إلا أن هناك من أنصار مدرسة المرفق العام من اعتبر ذلك غير منسجم مع قواعد القانون العام ذاته [11].
2- المرافق الاقتصادية: وهي مرافق حديثة النشأة نسبيا تسبب فيها التطور الإقتصادي وظهور الفكر الاشتراكي مما دفع بالدولة إلى ممارسة نشاطات كانت في أصلها معقودة للأفراد،و مثال هذا النوع من المرافق المؤسسات الصناعية والمؤسسات التجارية. وإذا كان الفقه قد أجمع كما رأينا على إخضاع المرافق الإدارية لقواعد القانون العام، فأن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للمرافق الاقتصادية خاصة وقد ثبت ميدانيا أن المرافق الإدارية يتسم عملها بالبطئ وإجراءاتها معقدة وتكاليفها باهظة، وهذه الآليات لا تساعد المرافق الاقتصادية التي تحتاج إلى أن تحرر أكثر وتخضع لإجراءات يسيرة يفرضها مبدأ المنافسة.
إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن المرافق الاقتصادية إن خضعت لآليات القانون العام جملة، فإنها ستلقى منافسة شديدة من جانب المؤسسات الخاصة. ولربما يؤدي إلى زوالها مع مرور الوقت. لذلك اتجه الرأي الحديث في القانون الإداري وقضاء مجلس الدولة الفرنسي إلى تحرير المرافق الصناعية من قيود القانون العام. [12] .
ولقد أثار ظهور المرافق الاقتصادية إشكالا على المستوى القانوني تمثل في إيجاد معيار فاصل بين المرافق الإدارية والمرافق الاقتصادية. نوجز هذا الخلاف فيما يلي: [13]
- الرأي الأول: معيار القانون الواجب التطبيق أو النظام القانوني الذي يخضع له المرفق: .
وذهب مناصروه إلى القول أن ضابط التمييز بين المرافق الاقتصادية والمرافق الإدارية يكمن في أن النوع الأول من المرافق يخضع للقانون الخاص بحكم ممارسة لنشاط مماثل للذي يقوم به الأفراد. خلافا للنوع الثاني الذي يخضع كليا للقانون العام. ويؤخذ على هذا الرأي أنه يصادر على المطلوب فالخضوع لقواعد القانون العام أو القانون الخاص إنما هو نتيجة طبيعية ترتبت على الاعتراف بالطابع الإداري والإقتصادي للمرفق. ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليه.
- الرأي الثاني: معيار الغاية.
رأى جانب آخر من الفقهاء أن أداة التمييز بين النوعين من المرافق الاقتصادية والإدارية تكمن في أن المرافق الاقتصادية تبتغي في نشاطها تحقيق الربح خلافا للمرافق الإدارية.
ويؤخذ أيضا على هذا الرأي أن تحقيق الربح من عدمه هو نتيجة مترتبة على طبيعته. كما أن المرافق الإدارية تتقاضى رسوما لقاء قيامها بخدمة ما للجمهور.
- الرأي الثالث: معيار شكل المشروع أو ومظهره الخارجي.
ذهب رأي في الفقه إلى التركيز على شكل المشروع أو مظهره الخارجي . فيعد المرفق اقتصاديا إذا أدير عن طريق شركة. إما إذا تولت السلطة العامة إدارته فهو على هذا النحو مرفق إداري. غير أن هذا الرأي تعرض للنقد مفاده أنه لاشيء يمنع السلطة العامة من أن تتولى أيضا إدارة المرافق الاقتصادية. [14]
- الرأي الرابع: معيار طبيعة النشاط.
وهو أكثر المعايير الفقهية شيوعا بالنظر لدقته. ويقوم هذا المعيار على أساس طبيعة النشاط الذي يزاوله المرفق. فإذا كان هذا المرفق يمارس نشاطا يعتبره القانون تجاريا فيما لو قام به الأفراد عد المرفق على هذا النحو تجاريا. ولقد تبنى هذا الرأي كبار فقهاء القانون الإداري. [15] ونحن بدورنا نعتقد أنه معيار سليم خاصة وقد سلط الضوء على ضابط يمكن الاعتماد عليه للتمييز بين النوعين من المرافق. وإذا كان الدكتور محمد أنس قاسم اعتبر أنه في المرافق الإدارية الوضع الغالب الإدارة هي من تديرالنشاط خلافا للمرافق الاقتصادية يعهد بالنشاط لأحد أشخاص القانون الخاص [16] .
[3] - الدكتور محمد فاروق عبد الله، نظرية المرفق العام في القانون الجزائري بين مفهومين التقليدي والإشتراكي ديوان المطبوعات الجامعية 1987، ص 6. وأيضا الدكتور رياض عيسى، نظرية المرفق العام في القانون المقارن، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1985، ص11.
[5] عبد الله الشيخ المرجع السابق، ص 133 و الدكتور ثروت بدوي، المرجع السابق ص 389، الدكتور ماهر جبر نضر المرجع السابق، ص 394.
[7] البشير التكاري، المرجع السابق، ص 12. الدكتور ثروت بدوي، المرجع السابق، ص 389 وراجع على سبيل المثال إشكالية مرفق النقل بالمغرب، د.محمد حميمز، اشكالية تدبير المرافق العمومية الجماعية.
[8] - الدكتور عبد الفتاح أبو الليل، الوجيز في القانون الإداري دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 177.
[16] - الدكتور محمد أنس قاسم، 163 الوسيط في القانون العام المرجع السابق، ص 200.