ترجمة/ محمد الجوراني   -   متابعة/ ميثم الشمري

عرض وتقديم ومصادر وصياغة الى العربية: علي البدراوي

اخوتي القراء الكرام... نعلمكم بأن كل ماسيُقرأ في هذه الحلقة من مصطلحات سياسية قد نقلناها بأمانة ودون أية اضافات بناءا على ماورد في الوثيقة التاريخية البريطانية التي وصلتنا في رسالة السيد بول أحد العاملين في قسم الارشيف في نادي بريستول روفرز وليس لنا أي دخل بها سوى الترجمة والصياغة الى العربية لتكون بالصورة التي ستقرأونها لاحقا في السطور أدناه..

ونظرا للضرورة التاريخية التي تستدعي كشف ملفات التاريخ الخفية التي نتبعها دوما فقد أرفقنا مع الصورة بعضا من تفاصيل حادثة الاعتداء المريع الذي تعرّض له الوفد العراقي المشارك في الدورة الرياضية العربية في بيروت عام 1957  نقلا عن مجلة الرشيد...

شهد العام 1957 حدثا تاريخيا كبيرا يكمن بمشاركة المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم في أول بطولة رسمية خارجية، جاء ذلك في الدورة الرياضية العربية التي اقيمت في بيروت..

 أختزل القائمون على المنتخب العراقي آنذاك ومدربه اسماعيل محمد تجربة الفريق الاشوري والمنتخب العراقي العسكري وفرق النخبة في العراق لتكون منهم جميعا نواة صحيحة للمنتخب الوطني الجديد.. لكن القرعة فاجئت كل الاوساط الرياضية في العراق التي كانت تترقب تلك المشاركة بشغف بعد أن أوقعت منتخبهم الوطني في مجموعة بالغة القسوة ضمت كلا من: المغرب وتونس وليبيا... لكن علينا أن لا ننكر أن الفريق العراقي في هذه المجموعة كان أقل الفرق خبرة وطموحاً أيضا..

انطلق الوفد الكروي العراقي بباص متواضع مجتازا الاراضي السورية ليصل الى بيروت التي لم تعر صحافتها اليه أهمية تذكر وعدته ورقة خارج حسابات الدورة...

المباراة الاولى للعراق كانت أمام المغرب التي أشار منتصف وقتها الى تقدم الخصوم بهدف للاشيء،، لكن يورا يهدي التعادل للعراق عن طريق عمو بابا،، لاعبو الفريق العراقي يحتفلون بهدفهم الجميل ليعيد المغاربة الكرة الى نقطة البداية وها هو يورا ينتفض ليسجل بعد دقيقة واحدة الهدف الثاني للعراق ليتحول على حد قول معلق المباراة عبر الاذاعة اللبنانية من صانع العاب ماهر الى هداف خطير.. ليعزز منتخب العراق تقدمه بهدفا ثالثا لتكون النتيجة 3-1 ولكن...

نقص الخبرة والاحتكاك يستغله الداهية لاربي بن باريك مدرب المغرب ليدفع بكل أوراقه من أجل التعادل وقد حصل له ذلك لتنتهي أول مباراة رسمية للمنتخب العراقي في تاريخه بالتعادل بثلاث أهداف لكلا الفريقين بعد أن فرط لاعبوه بفوز محقق!..

في المباراة الثانية امام تونس كان الفريق العراقي متأخرا بهدف ايضا حتى الشوط الثاني من المباراة, لكنه يورا ايضا, حيث توغل في منطقة الجزاء وتمت اعاقته من قبل الدفاع التونسي , ليحصل على ضربة جزاء صحيحة , نفذها بنجاح الكابتن جمولي , محرزا هدف التعادل للعراق , وبعد دقائق معدودة , اديسون رجح كفة العراق بهدف ثاني..

 لكن سرعان ما تهاوى الفريق العراقي امام الخبرة التونسية وهجومها الكاسح إذ تمكن التونسيين ان ينهوا بالمباراة بثلاثه اهداف لهدفين, ليخرج العراق بنقطة واحدة من مباراتين وبموقف صعب, ولكن انهى الفريق العراقي البطولة بفوز عريض على المنتخب الليبي بـ3-1, سجل الاهداف كلا من عموبابا, يورا ايشايا, وفكري محمد سلمان..

ليكون الموقف في المجموعة على النحو الآتي:

في تلك الدورة التي خسرها العراق أثبت فريقه فيها جدارة كبيرة ونال احترام الجميع وثنائهم وقد أشادت الصحافة بمستوى لاعبيه مركزين على الثنائي يورا ايشايا وعمو بابا معزين سبب الخسارة الى نقص عامل الخبرة في المباريات الدولية التي عانى منها المنتخب الوطني العراقي..

ملحق:

التاريخ الخفي وغير المعلوم للدورة الرياضية العربية التي اقيمت في بيروت عام 1957 والذي كشفته آنذاك وليوم واحد جريدة الحرية التي أوفدت موفدا صحفيا خاصا اسمه ضياء الى بيروت لتغطية فعاليات الوفد العراقي فيها أماط اللثام عنه الباحث ابراهيم اسماعيل في مجلة الرشيد في عددها الثالث الصادر بتاريخ 1- 15 شباط 1985 بقوله أن الوفد العراقي تعرض الى اعتداء خطير مقصود وبأمر من السلطات اللبنانية الحاكمة آنذاك بسبب ماقيل عن تقارب وصلات رسمية "بعضها أخذ طابعا سياسيا" بين الوفد العراقي والوفود العربية الأخرى، فوصلت الاخبار لسلطات الامن اللبنانية التي تربصت بالفريق العراقي للكرة الطائرة أثناء إحدى مبارياته في الدورة المذكورة وبحضور الوفود العراقية الاخرى التي جاءت لتشجيع فريقهم واذا بمن يُسمون آنذاك بالـ "درك" وهي قوات شبه رسمية يُعبر عنهم بالقبضايات، "الشقاواة باللهجة العراقية" ينقضّون فجأة ودون مبرر على الفريق العراقي في ساحة اللعب وعلى الوفد العراقي في المدرجات ويضربونهم بوحشية بالهراواة مع تمزيق للعلم العراقي "كعادة الاعتداءات من بعض الاشقاء التي حصلت لفرقنا على مر التاريخ" .. معركة حامية الوطيس بين طرف مسلح وطرف أعزل تقول المصادر التاريخية عنها أن امير اسماعيل حقي اثبت فيها جدارة بعد أن اقتلع عمود الشبكة فهوى به على رؤوس المعتدين لينال ضربة بهراوة على رأسه كاد ان يفقد الحياة على أثرها،، من ناحية أخرى يذكر المصدر أن أحد عناصر "الدرك" وبكل صلافة هوى بحبل على رقبة اللاعب جبار هارلم محاولا شنقه أمام الملأ وكاد الاخير أن يلفظ أنفاسه الاخيرة لولا تدخل اللاعب فرس النبي في اللحظات الاخيرة..

 عاد الوفد العراقي بما فيه بعض لاعبي كرة القدم من بيروت الى بغداد في حالة مزرية معصوبي الرأس وبسبعة جرحى وضعو في مستشفى بيروت لعدة أيام...  

الصورة أعلاه هي الوحيدة التي وثقت ذلك الحادث والتي نشرتها صحيفة الأوقات البغدادية والذي طمطمت عنه السلطات الملكية الحاكمة في العراق آنذاك نظرا للحلف الذي كان يجمعها بالحاكم اللبناني كميل شمعون فأصبحت الحادثة في طي النسيان بسبب الاوامر التي صدرت وقتها بعدم التطرق لها!..

ثورة 14 تموز والكرة العراقية

بعد تلك المشاركة بعام كامل حدث تغيير مهول في الدولة العراقية يكمن بتلك الثورة التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم في فجر الرابع عشر من تموز من عام 1958 ليتحول العراق من ملكية هاشمية الى جمهورية..

النظام الملكي في العراق كان ميالا الى الغرب أكثر وبالذات بريطانيا وحليفاتها في المنطقة الذين وقع العراق معهم حلفا كان عنوانه: حلف بغداد، لذلك نجد أن أكثر نشاطات العراق الرياضية الودية الخارجية اثناء العهد الملكي الهاشمي كانت مع دول الحلف (تركيا وإيران) غير أن العراق لم يستفد رياضيا من ذلك الحلف فلم تات الخبرات البريطانية أو فرقها الى ملاعبها مكتفين بما موجود من خبرات رياضية داخل القواعد العسكرية المتواجدة في العراق..

 عبد الكريم قاسم ونظامه الجديد كسر هذه القاعدة بإلغائه حلف بغداد وفضّل بأن يتوسع العراق بعلاقاته الخارجية مع كل الدول: اشتراكية كانت أو رأسمالية (حسب العرف الدولي السائد آنذاك بنظام القطبين)..

تلك الثورة وقائدها حظيت بدعم شعبي منقطع النظير جعلت الغرب يتراجع عن غزو العراق لاعادة نظامه الملكي لتكون ردة فعل حكومة الثورة تجاه التهديدات الصارخة بترجيح كفة الاشتراكية والجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) على كفة الغرب وقد اتضح ذلك جليا على مختلف نشاطات العراق في تلك الفترة وبما فيها النشاط الرياضي الذي يخص بحثنا هذا..

في أول موسم كروي تلى ثورة الرابع عشر من تموز58/59 قرر الاتحاد العراقي لكرة القدم تشكيل فريقين: الفريق العسكري والفريق الوطني ليقومان بزيارة الدول الصديقة التي أعترفت بالثورة وحكومتها الجديدة وأيدتها، لذلك كانت تلك الزيارة الكروية لأغراض سياسية عرفانا لتلك الدول لاعترافها بحكومة العراق الجديدة وثورتها..

ولاجل استغلال فرصة الدعوات الكثيرة التي وجهت للفرق العراقية تم تشكيل فريقين كرويين مثلما ذكرنا آنفا...

 كان الفريق العسكري يتألف من لاعبي المنخب الوطني الذي سافر الى أقاصي آسيا (الصين الشعبية وكوريا الشمالية) للعب مباريات ودية هناك ...

 بينما سافر الفريق الوطني الى أوروبا "دول المعسكر الاشتراكي" للعب هناك: تشيكوسلوفاكيا, رومانيا, المانيا الشرقية, بلغاريا وهنغاريا.

يورا كان قد اختير للعب في صفوف المنتخب العسكري .مع جمولي ,عموبابا وشقيقه بينول.

في البداية لعبوا في العاصمة الصينية بكين, ومن ثم شانغهاي,تيانجين* من ثم السفر الى العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ,واللعب هناك , هناك , حيث فازوا في اول مباراة بـ4-2 ولكن بعدها كانت هناك خسارة قاسية بـ6-2 من قبل أحد الفرق المحلية . وفازوا في مباراة 4-2 في فيتنام..

بعدها شد الفريق الرحال الى الاتحاد السوفيتي ليلعبوا فيه مباراتين:

 الأولى كانت الخسارة امام دينمو كارف 1-4 وامام زيتومير 1-2 .

بعد تلك الرحلة الطويلة من قبل الفريقين عادا الى بغداد ليندمجا في منتخب واحد وهو المنتخب الأولمبي الذي كان يستعد لتصفيات أولمبياد روما 60 ليخوض أول مباراة فيها أمام لبنان في بيروت التي خرج منها فائزا بثلاثة أهداف دون مقابل ليسحقه في بغداد بثمانية أهداف دون رد ايضا..

بعدها جاء الاختبار الكبير, مواجهة الفريق التركي في *ادانا*ولكن هذه المرة بدون الكابتن الانيق (جمولي).بسبب الاصابة. كانت هزيمة العراق قاسية في مباراة الذهاب بـ1-7 , وجاء الهدف اليتيم عن طريق عموبابا. في مباراة الاياب . العراق قاتل اكثر , حيث فازت تركيا 3-2.وبذلك خرج العراق من التصفيات.

وتمضي السنين بيورا وهو يواصل اللعب مع المنتخب العسكري والمنتخب العراقي الوطني ليصل الى فترة منتصف الستينيات.

لكن هذه المرة مواجهات العراق تكون على مستوى عالٍ من الفرق, مثل المنتخب الجزائري, ايران, سبارتاك ترنافا, سبارتاك يريفين, سي سي اي بوخاريست, وفرق مصرية مثل الاهلي والزمالك , اضافه الى استضافه قمة الفرق العربية والاوربية الاخرى.

يورا الساحر حصل على قميص المنتخب رقم 10 لتكون حصيلة مشواره قرابة الـ 80 مباراة دولية للعراق لعبها في شمال افريقيا, أوروبا والشرق الاوسط, جنبا الى جنب مع رفاق الدرب جميل عباس (جمولي) ,جليل شهاب , حامد فوزي , جبار رشك, عباس حمادي , هشام عطا عجاج , قاسم زوية , اديسون ايشاي وعموبابا.

رب سائل يسأل عن تلك المواهب التي تتمتع بها الكرة العراقية وأهمها يورا إيشايا الذي أشاد به كل من رأى لعبه فيقول: لماذا لم تلج الكرة العراقية تصفيات كأس العالم أو على الأقل بطولة كأس الأمم الآسيوية أو دورة الالعاب الاسيوية لتكون الاجابة الى القيود التي فرضها التواجد الكروي لأسرائيل في الخارطة الاسيوية والذي بدوره فرض قيودا كبيرة على الفرق العربية والمسلمة التي لم تعترف بكيانها ناهيك عن فرضها قيودا خارجية على لاعبي تلك البلدان للعب في القارة الأوروبية أو حتى في صفوف الاندية المتقدمة،، لتضيع على جيلين أو أكثر فرصة كبيرة بدخول المنافسات القارية بل ولربما العالمية ايضا بسبب تواجد اسرائيل في قارتهم...

ولو استمر هذا التواجد في القارة الاسيوية الى الان لاستمرت نفس المعاناة لكن بخروجها من المحيط الرياضي لقارة آسيا زال نهائيا كل حظر ومضايقة على لاعبي الدول التي تقاطعها ومن بينها العراق الذي نال فريقه ضيما جديدا بإنسحابه أمامها في تصفيات كأس العالم 78 ومن قبلها في نهائي اندية اسيا في بانكوك 71 لتضيع فرص أخرى على لاعبي الجيل السبعيني وإن كانت أقل وطأة من لاعبي الجيلين الخمسيني والستيني في العراق بسبب تواجد اسرائيل في قارتهم كما ذكرنا..

تقول الوثيقة البريطانية أن يورا كان من حقه أن يأخذ فرصته باللعب في البطولات الاسيوية الكبيرة بل واللعب في تصفيات كأس العالم ايضا، إذ أن لاعبا بمهاراته الرائعة وبمستواه الراقي كان بإمكانه أن يقود منتخبه للتأهل الى نهائيات كأس العالم ليعزي التقرير سبب ضياع تلك الفرص على يورا الى اسرائيل ايضا..

حفر اللاعب يورا إيشايا اسمه في تاريخ كرة القدم العراقية بحروف من ذهب, حيث لعب مباراته الاولى مع المنتخب الوطني العراقي عام 1957 , التي صنع بها صنع هدفا وسجل آخر ضد المغرب , وايضا كان ضمن تشكيلة المنتخب الاولمبي في عام 1960 وتصفيات 1964

ارتدى يورا قميص الصقور الازرق لفتره ناهزت الخمسة عشر عاما, طالما كان فيها حديث الشارع الرياضي ،، كانت لديه مهارات وقابليات يندر وجودها عند لاعب مثله..

كان موهبة خالصة في اللعب وتسجيل الاهداف. ساهم مع فريقه القوة الجوية بحصد الكثيرمن الانجازات والالقاب. واحتكر مع فريقه الأزرق الجوي كافة اللالقاب العراقية منذ منتصف الخمسينيات الى بداية الستينيات من القرن الماضي.

ولكن يبقى الانجاز الاغلى في موسم 1963-1964 عندما حصد فريق القوة الجوية بطولة الدوري العراقي والدوري العسكري وبطولة الكأس في موسم واحد بوجود اللاعب الفذ يورا ايشايا.

 ساهم يورا ايضا مع فريقة بهزيمة الفريق المصري الشهير *الاهلي* بـ2-0 . في المباراة التاريخية التي جمعت ناديي القوة الجوية العراقي والنادي الأهلي المصري بكامل نجومه بتاريخ 24/2/1956 على ارض ملعب الكشافة.. والاهلي كان الفريق الذي لايُقهر حسب وصف الصحافة آنذاك..

سجل هدفي الجوية كلا من عامر جميل وهشام عطا عجاج وجرت المباراة بتحكيم السيد اسماعيل حمودي..

لو قيمنا يورا ومسيرته مع الكرة لاعتبرناه احد اهم رموز الكرة العراقية في فترة من فترات القرن العشرين على غرار , جمولي , ناصر جكو , جليل شهاب , اديسون ايشايا, حامد فوزي , هشام عطا عجاج , قاسم زوية , عمو بابا   وآخرين.

كان لاعب قوي , ذو مهارات مع قدرة تحمل رائعة . كان نجم *لاغبار عليه* داخل الملعب , ان كان مع فريقه الجوي او المنتخب.

يورا لاعب كرة قدم كامل المواصفات ... تراه دائم الحركة , تارة في منطقة جزاء فريقه للدفاع , وتارة اخرى في منطقة الوسط لتنظيم هجمات , وتسجيل اهداف في احيان اخرى .دائم الحركة في الملعب وعلى مستوى ثابت منذ ان بدا لعب الكرة في عمر مبكر . وقد سؤل مرة فيما اذا يشعر بالتعب من بسبب الركض الدائم والحركة فاجاب ( ^كلا^ ان انتظاري للكرة يشعرني بالتعب اكثر مما هي بحوزتي)!.

فاصل من الكاتب:

يؤكد كلام الوثيقة ماورد في أحد أعداد مجلة الرشيد أواخر ثمانينات القرن الماضي عندما استضافت المجلة في استفتاء "خاطىء تاريخيا من وجهة نظرنا" جمع أفضل نقاد الكرة العراقية وكتابها لاختيار منتخب القرن العشرين أجمع فيه القائمون عليه على أن تكون قيادة خط الوسط لمنتخب العراق للقرن العشرين ليورا إيشايا لاغير..

في نهاية الستينيات وبالتحديد في السابع عشر من تموز من عام 1968 حدث انقلاب في العراق جاء بحزب البعث مرة ثانية الى السلطة بعد تجربته الفاشلة الاولى عام 63، وبمجيء البعث الى هرم السلطة في العراق سُنت قوانين عديدة أضرت بيورا وحطمت الكثير من أحلامه..

ففي عام 1971 وقبل عام من اعتزاله النهائي لكرة القدم تزوج من فتاة سويدية لينال بسبب هذا الزواج عقوبة صارمة من البعث وقوانينه الجديدة ،، فقد أصدرت الحكومة قرارا يقضي بمنعه من مزاولة كرة القدم نهائيا منهين بذلك تاريخا بأكمله سطره للعراق الذي ضحى بإنكلترا من أجل الحصول على جنسيته بجرة قلم بسيطة وقبل عام واحد من نهاية مشواره الكروي.. ناهيك على قرار آخر يقضي بتجريده من رتبته العسكرية وفصله النهائي من القوة الجوية التي يُعد أحد منتسبيها...

تلك القرارات التعسفية بحق يورا أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط الشارع العراقي لتتراجع الحكومة عن قرارها بسبب ضغوط الرأي العام لتعيد يورا الى وظيفته كضابط تدريب بدني واشراف رياضي على الرياضة العسكرية في قاعدة الحبانية التي جاء منها..

رغم ذلك استمر التضييق على يورا ايشايا ليتقاعد أخيرا من الخدمة في عام 1978 أي قبل استلام صدام للسلطة في العراق بعام واحد ليترك العراق حال تقاعده مع زوجته اليزابيث ويكون بذلك من أوائل المهاجرين العراقيين الى المنفى الثلجي البعيد "السويد" التي وصلها في ذلك العام وسكن في مدينة غوتنبرغ فيها...

في حياته الجديدة لم ينقطع يورا إيشايا عن كرة القدم فقد مارس مهنة التدريب وتفرغ لتربية ابنائه الثلاثة: ابنه يونس وبناته الاثنتان ماريا وماكدلينا (التي هي الان احدى أشهر ممثلات السويد)!...

النهاية

قدر هذا اللاعب الفذ أن يموت في الغربة ويترجل عن صهوة جواده في ساحة المعركة التي خاض بها معارك شرسة... ففي صباح الحادي والعشرين من تموز/يوليو من عام 1992 وأثناء ركضة في إحدى الوحدات التدريبية مع فريق الناشئين الذي يدربه توقف القلب الكبير ليورا ايشايا بجلطة مفاجئة مغمضا بذلك اغماضته الاخيرة داخل أرض الملعب مودعا حياة حافلة بالانجازات الكبيرة ولم يخرج منها الا بحب الناس وتقديرهم واحترامهم وغربة مأساوية أبعدته عن جمهوره الذي كثيرا ما حمله على الاكتاف ليموت بعيدا عنهم ويدفن خارج أرضه المعطاء التي ترك فرصة العمل التاريخية التي توفرت له في بريستول البريطانية ليعود من أجل الحصول على وثيقة الانتماء اليها واللعب في منتخب مثلها.. إنها ارض العراق التي سقته من نهريها الدافقين "دجلة والفرات"...

بتلك السطور أنهي معكم أحبتي القراء الكرام النص الكامل لقصة يورا ايشايا التي استندنا عليها عبر الوثيقة البريطانية التي وصلتنا من ادارة نادي بريستول روفرز الانكليزي والذين عرفونا مشكورين بقصة لاعبنا العراقي فتى الصحراء و "شهيد الغربة" يورا إيشايا بورا..

لا أقول لكم نكتفي بهذا القدر بل لدينا المزيد المزيد من نفس الوثيقة وغيرها تاركينكم في رعاية الله وحفظه ونلتقيكم في حكايات أخرى إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

علي البدراوي

4/ آب /أغسطس 2009

 تمت