آثار عقد التأليف
إعداد
الدكتور
نصير صبار لفته
رئيس قسم القانون الخاص
كلية القانون_ جامعة القادسية
المحتويات
المقدمة
المبحث الأول: التزامات المؤلِف
المطلب الأول: الالتزام بتقديم المؤلَف
المطلب الثاني: الالتزام بالسرية
المبحث الثاني:التزامات الناشر
المطلب الأول: الالتزام بدفع المقابل
المطلب الثاني: الالتزام بالتعاون
المطلب الثالث: التزام الناشر بعدم الاعتداء على الحقوق المقررة للمؤلِف
الخاتمة
قائمة المراجع
المقدمة
يعد عقد التأليف من العقود الملزمة لجانبين، إلى جانب كونه عقداً من عقود المعاوضة
. فهو المصدر الأساسي لالتزامات إطرافه وإن هذه الالتزامات تجد قوتها الملزمة في العقد ويتعين الوفاء بها طبقاً لمبدأ حسن النية وفي كافة مراحل تنفيذ العقد ( [1]). وتلك الالتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الإطراف في العقود القانونية الأخرى.
وتأسيساً على ذلك فإن دراسة آثار عقد التأليف يقتضي منا بيان التزامات كل طرف فيه، هذه الالتزامات التي تتقابل فيما بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف لالتزاماته مرتبطة أشد الارتباط بأداء الطرف الآخر لالتزامه. وإذا كنا سنقف على هذه الالتزامات الخاصة، فانه يمكننا القول أن ثمة التزاماً رئيسياً يقع على عاتق المؤلِف هو ما يعبر عنه بالالتزام بالتأليف ((L’obligation de ouvrage)) . هذا الالتزام الذي لن يستطيع المؤلِف القيام به إلا إذا كان يقابله قيام الناشر بالوفاء بالالتزام بالتعاون.
هذا الالتزام الذي يقع على عاتق الناشر في اغلب الأحوال ينص عليه صراحة في هذا النوع من العقود، إذ نلزمه بتقديم كل الوسائل اللازمة للمؤلِف خلال فترة أعداده للمؤلِف، على النحو الذي سنعرض منه مضمون الالتزام بالتعاون (( L’obligation de collaboration )).
والحديث عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض لأوليات هذه الالتزامات، إلا وهي التزام الناشر بدفع المقابل لأداء المؤلِف. فعقد التأليف شأنه في هذا الصدد شأن سائر العقود الملزمة لجانبين. والالتزام الرئيسي الذي يقع على الناشر هو دفع المقابل النقدي لخدمة المؤلِف ، فالناشر يطلب المعرفة العلمية من المتخصص. وهو يرمي في أن يستفيد من الخبرة والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها المؤلِف. وفي سبيل ذلك يقوم بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله. وليس معنى ذلك أن هذا الالتزام هو الالتزام الوحيد الذي يقع على عاتق الناشر، فالمؤلِف يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلاصة فكره وتخصصه الفريدين. فهو ابتكار يعبر عن خلاصة عمل ذهني مضنٍ. ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة لالتزام المؤلِف والذي هو جوهر عقد التأليف، فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من الالتزامات يقابلها على الصعيد الآخر التزامات تقع على عاتق الناشر. ومن هنا كان التزام الناشر بعدم الاعتداء على الحقوق المقررة للمؤلِف. من قبيل التزامات المؤلِف التي تفرضها طبيعة هذا العقد ما يعرف بالالتزام بالسرية L’obligations de confidentialite” ، حيث إننا إذا كنا نلزم الناشر بوجوب إعلام المؤلِف بكافة المعطيات التي تساعده في إعداد المؤلِف، وهذا ما يعرف –أيضا- بالالتزام بالأعلام L’obligation de d'information” والذي يعد تطبيقاً لالتزامه بالتعاون، فإن وفاءه بهذا الالتزام يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام المؤلِف كافة المعطيات الخاصة بالتأليف المطلوب أعداده من المؤلِف مدعمة بالمستندات معتمداً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص المؤلِف والتي كانت من احد سمات هذا العقد ( [2])، والتي تتحقق من خلال عدم قيام هذا المؤلِف او مستخدميه بإفشاء محتويات هذه المستندات في مكان عام أو لمنافسي الناشر. هذا الالتزام الذي يقع على عاتق المؤلِف هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية التعامل.
لذا فإن بحث التزامات أطراف العقد يستلزم تقسيم هذا البحث على مبحثين نتناول في الأول التزامات المؤلِف فيما نبحث في الثاني التزامات الناشر، أما الحقوق فلا داعي لإفرادها بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد تمثل حقوق الطرف الثاني.