¦¦๑¦¦ كتــــــــــاب: علاقات المحكمة الجنائية الدولية ... الدكتور براء منذر كمال
آخر
الصفحة
halim DZ

  • المشاركات: 43700
    نقاط التميز: 14943
مشرف سابق
halim DZ

مشرف سابق
المشاركات: 43700
نقاط التميز: 14943
معدل المشاركات يوميا: 7.1
الأيام منذ الإنضمام: 6123
  • 12:22 - 2009/02/22

مؤتمر التنمية البشرية والأمن في عالم متغير

 

علاقات

 

المحكمة الجنائية الدولية

 

(دراسة مقارنة)

 

 

إعداد

الدكتور براء منذر كمال عبد اللطيف

أستاذ  القانون الجنائي الدولي بجامعة تكريت

 

المـقــدمـــة

في السابع عشر من تموز عام 1998،أُختتمت أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية بالموافقة على تبني نظامها الأساسي،وفي اليوم التالي افتتحت الاتفاقية للتوقيع بمدينة روما الإيطالية،وكان الغرض من ذلك النظام إنشاء محكمة تختص بالتحقيق ومحاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره.

        ووفقاً للنظام الأساسي،دخلت اتفاقية إنشاء المحكمة حَيِّزْ التنفيذ في الأول من تموز عام 2002 ،بعد مرور ستين يوماً من إيداع الدول الستين وثائق تصديقها على النظام الأساسي لدى هيئة الأمم المتـحدة.وقد اختلفت آر اء الفقه الجنائي حولها،فمنهم من رحب بها كونها تمثل حُلُمَ البشـرية في محاكمة المجرمين الدوليين،ومنهم من رأى إنها مجرد وهم ، و إن النظام الأساسي جاء قاصراً عن تحقيق تلك التطلعات.

          هذا الموضوع   المتجدد اخترناه عنواناً لدراستنا لأسباب عِدة، لعل أهمها أن العلاقات الواسعة والمختلفة للمحكمة من المواضيع الحديثة التي تتمتع بقدر كبير من الأهمية في المجالين النظري والتطبيقي،كونها يتعلق بالقانون الجنائي الدولي ( [1]) الذي لم يزَل في طور التكـوين على العكس من القوانين الجنائية الوطنية التي استجمعت مقومات وجودها.كما أن هذه المحكمة تميزت عَمَّا سبق ت ها من محاكم بكونها ذات صفة دائمة،تشكلت عن طريق اتفاقية دولية،حيث كرست العديد من تطورات القانون الجنائي الدولي،و أقرت قواعد جديدة لم تترسخ بعد في القانون المذكور.

و على الرغم من أن موضوع المحكمة الجنائية الدولية من المواضيع القانونية،إلا أنه لا يمكن إنكار السمات السياسية فيه ،حتى أن صياغة النظام الأساسي جاءت بصورة توفيقية بين رغبات الدول التي اشتركت في مؤتمر روما الدبلوماسي،تلك السمات أضفت على الموضوع أهميةً أكبر وتعقيدات أشد ، مما يجعل الموضوع جديراً بالبحث والتحليل.

ولقد كان الإعلان عن إنشاء   المحكمة الجنائية الدولية بمثابة الإعلان عن ولادة شخص جديد مـن أشخاص القانون الدولي،وطبيعته المزدوجة (الجنائية-الدولية) يُحتم بالضرورة قيام علاقات واسعة بين المحكمة وأشخاص القانون الدولي.وهذا ما يُمَيِّزها عن المحاكم الجنائية الوطنية.لذلك لابد من دراسة تلك العلاقات التي تربطها مع أهم أشخاص القانون الدولي من منظمات ودول ( [2]) ،للتعرف على مكانتها في المجتمع الدولي ، وكيف تُدَار دَفَّتَها ،ومن الذي يُس َ ي ِّ ر ُ ه َ ا ويرسم لها طريقها ويُنفذ قراراتها دولياً،ومدى تأثير كل ذلك على نظامها القضائي بشكلٍ عام،وحيادها واستقلالها وفاعليتها بشكلٍ خاص .

وعلى الرغم من إمكانية قيام علاقة بين المحكمة ومختلف المنظمات، سـواء كانت حكومية أو غير حكومية،فإن نظامها الأساسي قد خَصَّ الأمم المتحدة بعلاقة مُتَمَيِّزة كونها المنظمة الكبرى  عالمياً .كما تناولت تلك العلاقة بالتنظيم اتفاقية   عُنيت بوضع قواعد خاصة بها،فقد كان هناك اتفاق عام لدى الدول على أهمية قيام علاقة وثيقة بين الأمم المتحدة والمحكمة من أجل كفالة طابعها الدولي ومكانتها الأدبية ( [3]) ،وبما أن مستوى العلاقة مع المنظمات الأخرى يكاد يكون ضئيلاً مقارنةً بالعلاقة مع الأمم المتحدة،لذلك سنخصص   المبحث الأول لدراسة تلك العلاقة. ونخصص المبحث الثاني ل علاقة المحكمة ب دول العالم و جمعية الدول الأطراف.



( [1])ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى أنه يجب التمييز بين تعبير القانون الجنائي الدولي Droit Pénal International الذي يُعنى بوضع تنظيم للجرائم الواردة في قانون العقوبات الوطني المتميزة بوجود عنصر دولي أو أجنبي،والقـانون الدولي الجنـائي   Droit International Pénal الذي يحدد الجرائم الدولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .الدكتور عبد الرحيم صدقي –القانون الدولي الجنائي-مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب-القاهرة-1986-ص4-5.و الدكتور أحمد فتحي سرور-الوسيط في قانون العقوبات(القسم العام)-دار النهظة العربية –القاهرة 1981-ص191.و الدكتور حميد السعدي –مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي-ط1-مطبعة المعارف-بغداد-1971-ص13-15.

       وذهب فريقٌ آخر- نؤيده- إلى أن التعبيرين مترادفين من حيث المضمون،ولا فارق بينهما.كما أن التمييز بين التعبيرين نشأ على يد الفقه الفرنسي وأدى إلى إثارة خلاف في الرأي حول مدلول كل منهما،ولم يُجمع هذا الفقه على رأي في هذا الموضوع.في حين لم يهتم الفقه الأنجلو أمريكي بهذا التمييز،إذ يستخدم تعبيراً واحداً فقط هو القانون الجنائي الدولي Criminal Law International .كما أن الفقهاء الذين يميزون بين القانونين مثل الأستاذ بلافسكيPlawski يرون أن تقدم الحياة في المجتمع الدولي سيؤدي في يوم ما إلى إذابة الفوارق بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي،وهذا ما نلمسه من خلال الوقائع التاريخية التي تشير إلى أن العديد من مرتكبي الجرائم الدولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية،حوكم فريقٌ منهم أمام محاكم دولية، وحوكم فريقٌ آخر أمام محاكم وطنية أو محاكم مختلطة،إذ نصت  العديد من التشريعات الوطنية  على محاسبة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية..

        الدكتور محمد محي الدين عوض-دراسات في القانون الدولي الجنائي –مطبعة جامعة القاهرة – 1966-ص191.والدكتور أشرف توفيق شمـس الدين –مباديء القانون الجنائي الدولي –دار النهضة العربية –القاهرة 1998-ص25-26. والدكتورة منى محمود مصطفى-الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي –دار النهضة العربية –القاهرة-1989-ص66-67.

       وقد ساهم النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في إذابة تلك الفوارق من خلال مبدأ التكامل،الذي يعطي الأولوية للمحاكم الوطنية في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية،على أن يكون اختصاص المحكمة مُكملاً لها في حالة انهيار القضاء الوطني،أو عند رفضه،أو فشله في القيام بالتزاماته القانونية.

( [2])هناك فرقٌ بين اختصاص المحكمة،وعلاقات المحكمة ، فحيث تقتصر المحكمة الجنائية الدولية في اختصاصها على الأشخاص الطبيعيين-ولا يشمل الأشخاص المعنويين –ونحوهم تَنْصَبُّ إجراءاتها ، فإن علاقة المحكمة   تتجه نحو   الأشخاص المعنوية بشكلٍ أساسي .

   مع التنويه إلى أن هناك آراءً متباينةً في القانون العام،الأول يقول بأن شخص القانون العام الوحيد هو الدول.والثاني يقول بأن الفرد هو شخص القانون   في النظامين   الوطني والدولي .أما الثالث فيرى   بأن أشخاص القانون الدولي العام هم الدول والهيئات والمنظمات الدولية.وضمن الرأي الثالث اتجاه يذهب إلى إدخال الفرد ضمن أشخاص   القانون الدولي العام.ويذهب العميد ليون دكي،في مناصرته للرأي الثالث إلى القول:انطلاقاً من فكرة التضامن الاجتماعي،والتي   من   مضمونها أن الفرد لا يستطيع   أن يعيش   إلا في   مجتمع ،وإن المجتمع لا يستطيع أن يعيش إلا بالفرد ، فأساس المجتمع الدولي   فرديٌ واجتماعي في آن واحد.

ينظر:العميد ليون دكي –دروس في القانون العام –ترجمة الدكتور رشدي خالد-مركز البحوث القانونية في وزارة العدل – بغداد – 1981-ص14. والدكتور   عصام العطية-القانون الدولي العام-ط6-كلية القانون بجامعة بغداد-2001-ص567.و الدكتور فخري رشيد مهنا والدكتور صلاح ياسين داود-المنظمات الدولية- دار الكتب للطباعة والنشر-جامعة الموصل-بلا سنة طبع-ص34-36.

( [3])الجمعية العامة للأمم المتحدة -تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها السادسة والأربعين-المنعقدة للفترة من 2 آيار-22 تموز   1994-نيويورك-الوثائق الرسمية   للدورة التاسعة والأربعون -الملحق رقم 10( A\49\10 ).-ص16.

 ¦¦๑¦¦ كتــــــــــاب: علاقات المحكمة الجنائية الدولية ... الدكتور براء منذر كمال
بداية
الصفحة