التاريخ القديم
عثر العلماء على بعض أقدم الآثار البشرية المعروفة في وادي الأخدود العظيم في شرقي إفريقيا بما في ذلك أجزاء من كينيا. وقد دفعت بعض الدراسات التي قام بإجرائها أفراد من عائلة ليكي (عائلة من علماء الأنثروبولوجيا) وعلماء آخرون إلى الاعتقاد بأنه ربما تكون هناك مجموعات من البشر قد استوطنت هذه المنطقة منذ مليوني سنة انظر: ليكي، عائلة. ولكن لايعرف حتى الآن إلا القليل عن حياة هؤلاء الناس. ومنذ حوالي 3000 سنة بدأت مجموعات مختلفة من الناس في النزوح إلى منطقة كينيا من أجزاء مختلفة من إفريقيا. وهذه المجموعات الأولى هم أسلاف الكينيين الحاليين، وكانوا يمارسون الزراعة والرعي والصيد.
الغزو البرتغالي
وفي عام 1498م، قام البرتغالي فاسكو دا غاما بالإبحار حول رأس الرجاء الصالح، ووصل إلى الساحل الكيني. وفي أوائل القرن السادس عشر الميلادي، استطاع البرتغاليون الاستيلاء على المنطقة الساحلية من العرب، وحققوا أرباحـًا هائلة من التجارة في كينيا. ولكن العرب استطاعوا هزيمة البرتغاليين في أواخر القرن السابع عشر، واستعادة السيطرة على المنطقة.
الحكم البريطاني
وبدأ النفوذ البريطاني مسستتراً خلف شركة شرق أفريقيا البريطانية وتوجت أعمال الشركة البريطانية بمعاهدة مع سلطان زنجبار صاحب السلطة الشرعية على شرقي أفريقيا، وقعت تلك المعاهدة في سنة 1304هـ - 1887 م وبمقتضاها ندفع الشركة 20%.
وحددت مناطق النفوذ بين الاستعمار الألماني والبريطاني وامتد الخط الفاصل بينهما من شمالي بنجاني على ساحل المحيط الهندي إلى بلدة شيراني على بحيرة فيكتوريا، ثم تنازلت الشركة للحكومة البريطانية عن حقها، وهكذا كانت البداية الاستعمارية شركة ومن خلفها نفوذ بريطاني.
سكك حديد كنيا-أوغندا بالقرب من مومباسا، حوالي 1899 ليوتنانت كرنل پول فون لتوڤ-فوربكفي عام 1887م، قام أحد اتحادات الأعمال الخاصة البريطانية باستئجار جزء من ساحل كينيا يخضع لسيطرة سلطان زنزبار، وحصل في عام 1888م من الحكومة البريطانية على امتياز باسم الشركة الإمبراطورية البريطانية لشرق إفريقيا، ولكن الاتحاد لم يكن يملك الأموال الكافية لاستغلال المنطقة. وفي عام 1895م، استولت الحكومة البريطانية على المنطقة، وسرعان ما بسطت سيطرتها على بقية البلاد، حيث أصبحت كينيا تعرف باسم شرق إفريقيا البريطانية. وفي عام 1901م، أكملت بريطانيا خط السكك الحديدية بين مومباسا وبحيرة فكتوريا. وشجعت المواطنين البريطانيين وغيرهم من الأوروبيين على الاستيطان في كينيا. ولم يمض وقت طويل حتى أسس كثير من الأوروبيين مزارع كبيرة في البلاد واستأجروا الأفارقة للعمل فيها. وكانت بريطانيا تحكم كينيا من خلال الموظفين البريطانيين، ولم يكن للسكان الأفارقة أي كلمة في شؤون الحكم. وفي مجال التربية والتعليم، أنشأ البريطانيون في كينيا مدارس على نمط المدارس القائمة في بلادهم.
بناء الدولة الجديدة
بعد الحصول على الاستقلال من إنجلترا في 12 ديسمبر عام 1963، تحركت كينيا بسرعة نحو استبدال النظم الاقتصادية والثقافية، التي كان يطبقها الاستعمار البريطاني، ثم استولت الحكومة على كثير من المزارع ومؤسسات الأعمال الحرة، المملوكة لغير الإفريقيين، وباعتها أو أجرتها للأفارقة. أما غير الأفارقة الذين وافقوا على أن يصبحوا مواطنين كينيـِّـين، فقد سمح لهم بالاحتفاظ بممتلكاتهم. وفي مجال التربية والتعليم، أجرت الحكومة توسعـًا سريعـًا في نظام المدارس الحكومية، كما قامت مجموعات كثيرة من المواطنين بإنشاء مدارس خاصة. وعند الاستقلال، كان معظم الكينيـين يشعرون بولاء نحو مجموعتهم العرقية أكثر مما يشعرون به نحو حكومتهم القومية، هذا بالإضافة إلى وجود فوارق بين كثير من المجموعات العرقية. ولكن منذ الاستقلال، استطاعت الحكومة الكينية تحقيق بعض التقدم في تدعيم الشعور بالاعتزاز القومي بين المواطنين والحد من عوامل الفرقة بينهم.
ومن الناحية السياسية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد في عام 1964م، عندما حل أعضاء حزب كادو حزبهم، وانضموا إلى حزب كانو. وفي عام 1966م، تم تكوين حزب باسم اتحاد الشعب الكيني (كبو) ولكن الرئيس جومو كينياتا قام بحله في عام 1969م بعد أن اتهم كثيرًا من أعضائه بالقيام بأنشطة مناوئة للحكومة. وللمرة الثانية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد، ولكن لم يمنع هذا من قيام تنافس شديد بين أعضاء حزب كانو، تركزت حول من يخلف كينياتا في رئاسة القطر والحزب. وبعد الاستقلال بقليل، نشأ خلاف على الحدود بين كينيا وجارتها الصومال، تسبب في نشوب قتال بينهما، ولكن القتال توقف بين الطرفين عام 1967م. وفي العام نفسه، كونت كينيا وتنزانيا وأوغندا تجمع شرق إفريقيا. وقد تم إنشاء هذه المنظمة لتطوير التجارة بين الأقطار الثلاثة، وكانت تتضمن ترتيبات للإدارة المشتركة لبعض المرافق كالسكك الحديدية والمطارات، غير أن توتر العلاقات بين الدول الأعضاء أدى إلى إنهاء أعمال المنظمة عام 1977م.
كينيا اليوم. بالرغم من أن كينيا قد حققت الكثير من التقدم الاقتصادي منذ الاستقلال، إلا أنها ما تزال تواجه مشكلات كبيرة؛ فالأراضي الصالحة للزراعة فيها لاتتجاوز خمس مساحة البلاد، كما أن عدد سكانها يتزايد بمعدل سريع؛ لذلك فإن الحاجة إلى إيجاد الوسائل لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان ربما يكون أكبر تحد يواجه البلاد.
ومنذ الاستقلال، استطاعت كينيا تحقيق زيادة كبيرة في قطاعي الصناعة والسياحة للتقليل من اعتمادها على الزراعة. وقد حصلت كينيا على بعض رأس المال اللازم لتمويل الصناعات الجديدة من المستثمرين الأجانب. ولكن بعض الكينيين يعترضون على الاستثمار الأجنبي؛ لأنهم يعتقدون أن ذلك سيعطي الأجانب الفرصة لممارسة نفوذ أكبر في بلادهم، كما أنهم يعترضون أيضًا على التركيز على السياحة؛ لأنها تجعل القطر يعتمد أكثر على ما ينفقه الأجانب داخل البلاد. ويقارن بعض الكينيين بين الاتجاهات الاقتصادية الجديدة والوسائل الاستعمارية القديمة، ولكن غيرهم يؤيدون هذه الاتجاهات بوصفها وسيلة لتحسين الاقتصاد الكيني وإنهاء الاعتماد على الزراعة. وعندما توفي الرئيس كينياتا عام 1978م، خلفه نائبه دانييل أراب موي رئيسـًا للبلاد. وبالرغم من أن حزب كانو أصبح الحزب السياسي الوحيد في كينيا منذ الستينيات من القرن العشرين، إلا أن الأحزاب الأخرى لم يحظرها القانون. ولكن القادة الكينيين عدّلوا الدستور عام 1982م؛ ليجعلوا حزب كانو الحزب الوحيد في البلاد. وفي يوليو من عام 1990م اندلعت تظاهرات واضطرابات تطالب بالعودة إلى النظام التعددي. وفي عام 1991م عدل الدستور وسمح بقيام نظام متعدد الأحزاب. وفي نهاية عام 1992م أجريت انتخابات نيابية ورئاسية. فاز الرئيس موي في الانتخابات الرئاسية وحصل حزب كانو على أغلب مقاعد البرلمان الكيني. وفي عام 1997م، خرجت جموع كبيرة من الكينيين في مظاهرات تطالب بإصلاحات دستورية تقلص من سلطات الرئيس. وفي العام نفسه أعيد انتخاب موي لفترة رئاسية جديدة.
وفي عام 1998م، وجهت الإدارة الأمريكية الاتهام لأسامة بن لادن بأنه كان وراء تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام بتنزانيا في السابع من أغسطس ذلك العام.
مناخ كينيا ينتمي للطراز الاستوائي ،إلا أن الأحوال المناخية تتوقف على درجة العرض أو الارتفاع، فالمناطق الساحلية والسهول المجاورة لها مرتفعة الحرارة عالية الرطوبة ،أما المناطق الجبلية فتنخفض حرارتها وتزداد أمطارها ،ويقل المطر في أقصى الشمال ،وتتحول المنطقة إلى طراز شبه صحراوي ،ويعيش معظم سكان كينيا في النطاق المرتفع ،أو بالقرب من السواحل ،ونتيجة لتنوع المناخ يتنوع النبات الطبيعي بين الصحراوي والغابات الاستوائية.
تبلغ مساحة كينيا 580,367 كم²، وتنقسم إلى ثلاث مناطق متميزة هي:-
- المنطقة المدارية الساحلية.
- منطقة السهول الجافة.
- المنطقة الداخلية الخصبة.
معظم المجموعات العرقية في كينيا لها لغاتها أو لهجاتها الخاصة. ولا يعرف بعض الكينيين سوى لغتهم المحلية. غير أن عددًا كبيرًا من الكينيين يعرفون اللغة السواحيلية بالإضافة إلى لغاتهم المحلية. وتستخدم اللغة السواحيلية، وهي اللغة القومية في كينيا، في التفاهم بين السكان من المجموعات العرقية المختلفة، كما يعرف الكثير من الكينيين المتعلمين اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الرسمية في البلاد بجانب اللغة السواحلية
يبلغ عدد سكان كينيا 32,577,000 نسمة، ويتزايدون بمعدل 3% سنويـًا وهو من أعلى المعدلات في العالم. ويعيش حوالي 73% من السكان في المناطق الريفية، وحوالي 27% في المناطق الحضرية. ويبلغ عدد سكان نيروبي، أكبر مدينة في البلاد نحو 1,162,189 نسمة.
يتكون 99% من سكان كينيا من الأفارقة السود. والمجموعات السكانية الأخرى (حسب حجمها) تتكون من: الهنود الآسيويين، والأوروبيين (وبشكل رئيسي: البريطانيين)، والعرب.
ينتمي الكينيون الأفارقة إلى نحو 40 مجموعة عرقية مختلفة. أكبر مجموعة هي كيكويو أو الجيكويو، وتشكل حوالي 22% من السكان. كما توجد أربع مجموعات أخرى هي الكالنجي وكامبا ولوهيا واللوو، وتشكل كل منها نسبة تتراوح بين 10 و15% من السكان.
تتمثل عوامل التفرقة بين المجموعات العرقية في كينيا، في اللغات واللهجات المختلفة لهذه المجموعات، كما تتمثل في أنماط الحياة المختلفة التي تتبعها هذه المجموعات في كثير من المناطق.
وقد أدى الاختلاف في التطور الاقتصادي والاجتماعي إلى احتكاكات بين هذه المجموعات في بعض الأحيان، ولكن منذ الاستقلال، استطاعت الحكومة الكينية تحقيق بعض التقدم في خلق شعور بالوحدة الوطنية بين السكان.