من رسائل ندى
أثناء زيارتها للدار القديمة ..طافت بكل الأركان ..كانت تتذكر ..و لكل بيت هنا قصة ..
بيت نوم خاص بالوالدين بعد أن حيته في خشوع مهيب قرأت الفاتحة ترحما على روحيهما ..
اغرورقت عيناها و أحست بتعب السنوات التي مرت من هنا ..هنا صالة للرجال وهنا صالة للنساء..و هناك باب المكتبة..
عاودها الحنين لتلك القاعة التي أذمنت الحروف بين جدرانها..خطت بتثاقل السنين التي حفرت تجاعيدها على
خدي المكان و تآكلت من فعلها الحيطان..ما أن ولجت الباب حتى خطف بصرها الوقوف الشامخ لإحدى رسائلها..
و قد كسا جسدها الغبار..مدت يدها..أخرجت ما بجوفها..فقرأت :
اليك أخي هذه الرسالة للتذكير فقط..
لا زلت أذكر عندما هتف في القسم أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي قائلا:
كلكم فلاسفة يلزمكم وضع البذرة في محلها..كي تنمو نبتة الحرية فيكم بسلام
ألازلت تذكر ..فأخذوه و جلدوه و رموا به في غياهب السجون..
و قالت أبواقهم:اعتقال أحد لصوص الكلمة متلبسا و هو يدعو للمجون ..
أذكرك أخي في هذه الرسالة أن لفعل الكلمة ما يسقط أقنعة ..و يحيي أفئدة ماتت لسنين طويلة..
و هكذا تُبنى الأمواج في أعماق البحار...
أختك: ندى
وقفت تمعن النظر في تلك السطور..فخيل اليها أنها تعيش لحظة من لحظات الفواجع ، التي حلت بأبيها يوم
اعتقلوه ..و يوم حملوه الى المقبرة تاركا وراءه علامة استفهام...
بقلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي.