بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أجل َّ المرسلين محمد ٍ وعلى آله ِ وصحبه ِ الطيبين الطاهرين
وعلى أصحابه ِ الكرام المنتخبين .
أما بعد ...
اريد اليوم أن أتحدث قليلا عن إمكانية وضع العقارات المحفظة تحت الحراسة القضائية، فقط اريد أن أشير أن المعلومات
التي سوف أذكرها ليس من نسج الخيال أو من المعلومات العادية من طالب غير قانوني ، اعتمدت في كتابة هذا المقال
بعض قراءة بـعض الكتب تتحدث عن الموضوع المراد دراسته.
عندما نقوم بطرح السؤوال التالي : هل يمكن وضع العقارات المحفظة تحت الحراسة القضائية ؟
هذا التساؤل منطقي مادامت الغاية من تحفيظ العقارات هو كسب ملكيتها و الحقوق العينية المتفرعة عنها مناعة وقوة و إقامتها على أسس
متينة تتوفر فيها الضمانات و الطمأنينة للناس أجمعين و يكون بالتالي عاملا على ازدهار الائتمان العقاري.
و هكذا لا يخشى صاحب العقار الذي سجل بكيفية قانونية عقاره في السجل العقاري أي خطر على حقوقه على هذا العقار مهما كان النزاع
القائم حول هذا العقار. و لما كانت مهمة التحفيظ على هذا النحو فإنها تشبه إلى حد ما مهمة الحراسة القضائية التي سبق تعريفها بأنها
الإجراء الذي يقصد منه المحافظة على الشيء موضوع النزاع و صيانته من خطر الضياع و التبديد و سوء الاستعمال أو الاستغلال إلى ان
ينتهي النزاع و يعرف صاحب أو أصحاب الحق فيه، فكلا الاجرائين سواء التحفيظ أو الحراسة القضائية يقوم بمهمة حفظ حقوق صاحب العقار
رغم أن الإجراء الأول إجراء دائم في حين أن الإجراء الثاني إجراء مؤقت.
و لما كان الأمر كذلك فكان من اللازم القول بالاستغناء عن إجراء الحراسة القضائية على العقار المحفظ المتنازع عليه مدام التحفيظ يتضمن
الحماية اللازمة لهذا العقار و الحقوق المترتبة عليه فلا داعي إذن للأمر بالحراسة القضائية، غير أن هذا القول لا يستجيب دائما لأنواع النزاعات
التي تنصب على العقارات المحفظة و التي تستلزم في كثير من الأحيان الأمر بإجراء حراسة قضائية عليها.
فقد يقع النزاع بين الشركاء على الشياع لعقار نحفظ نتيجة استئثار بعضهم بمنافع هذا العقار دون البعض الآخر فيتقدم هؤلاء بطلب لوضع
العقار تحت الحراسة القضائية حماية لحقوقهم إلى ان تتم إجراءات القسمة. و قد يشتري شخص نصيب أحد الشركاء على الشيوع في عقار
محفظ و يسجل شراءه في السجل العقاري و لكنه يحرم من الانتفاع بنصيبه من طرف باقي الشركاء. فيتقدم بطلب يرمي إلى وضع ذلك العقار
تحت الحراسة القضائية لحين انصافه من طرف محكمة الموضوع.
فإذا كان التحفيظ في المثالين السابقين و غيرهما من الأمثلة المتشابهة يحمي حقوق كل شريك في العقار المحفظ و يجعل حقه ثابتا لا خوف
عليه من التفويت، إلا أن خطر عدم الإنتفاع بالحق و عدم التصرف فيه و ضياع الريع هو خطر قائم رغم وجود التحفيظ و لهذا كان لابد لتفاديه
من الركون إلى إجراء آخر و خير إجراء هو الحراسة القضائية.
وإننا لنسأل الله سبحانه، في هذه الأجواء الروحانية التي تسبق، شهر رمضان المبارك الذي اقترب حلوله،
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، أن يجعلنا من " الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.
أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.