بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أجل َّ المرسلين محمد ٍ وعلى آله ِ وصحبه ِ الطيبين الطاهرين
وعلى أصحابه ِ الكرام المنتخبين .
أما بعد ...
اريد اليوم أن أتحدث قليلا عن الحراسة القضائية وسيلة ضرورية وحيدة للمحافظة على الشيء،فقط اريد أن أشير أن المعلومات
التي سوف أذكرها ليس من نسج الخيال أو من المعلومات العادية من طالب غير قانوني ، اعتمدت في كتابة هذا المقال
بعض قراءة بـعض الكتب تتحدث عن الموضوع المراد دراسته.
سبق القول عند استعراضي في بعض مواضيعي السابقة خصائص الحراسة القضائية أن هذه الأخيرة إجراء تحفظي تدعو إليه
ضرورة المحافظة على الأشياء المتنازع عليها حتّى ينتهي النزاع القائم بشأنها بين ذوي المصلحة، غير أن وظيفة المحافظة هذه
قد لا تحتاج دائما إلى إجراء الحراسة القضائية، هذا الإجراء الذي يكون في بعض الحالات غير ضروري إن كان هناك
إجراءات أخرى تغني عنه. و بمعنى آخر تكون الحراسة القضائية غير ضرورية عندما لا تكون هي الوسيلة الوحيدة للمحافظة
على الشيء المتنازع عليه، و بالتالي عندما لا تكون هي الوسيلة الوحيدة و الفردية للمحافظة على ذلك الشيء. و من هنا كان
لزاما إضافة شرط كون الحراسة القضائية هي الوسيلة الضرورية و الوحيدة للمحافظة على الشيء إلى جانب الشروط الأخرى التي
سبق عرضها في عدة مواضيعي السابقة .
فالحراسة القضائية تدبير استثنائي وخطير لا يجوز أن يلجأ إليه إلا عند الضرورة. و على قاضي الأمور المستعجلة ألا يصدر قراره
بتعيين حارس قضائي إلا عند شديد الحاجة إلا هذا التعيين، و يكون الأمر كذلك إذا رأى القاضي المذكور أن الحراسة القضائية هي
الوسيلة الوحيدة التي بإمكان أطراف المزاع اللجوء إليها. أما إذا تبين لقاضي المستعجلات أن هناك وسائل و أبواب أخرى يمكن طرقها
فإنه يقضي برفض الحراسة القضائية لعدم ضرورتها ما دام يمكن أن يستغني عنها بوسيلة أخرى.
فاشترط هذا الشرط إلى جانب الشروط الأخرى لقيام الحراسة القضائية له ما يبرره إذ بمقتضاه يستطيع القضاء أن يسد الباب في وجه
كل الدعاوي التي لا يقصد منها سوى الأضرار و الكيد بالغير و تعطيل الحقوق و الحيلولة ما امكن دون الإنتفاع بالشيء الذي ستقل
مردوديته كيفما كانت الأحوال بفعل إجراء الحراسة القضائية.
كما ان وجود هذا الشرط من شأنه التقليل ما امكن من حالات الأمر بالحراسة القضائية، هذا الإجراء الذي تنتج عنه نتائج خطيرة
باعتباره يقيد حرية التملك و ينقص مهما كانت ظروف الاستغلال من الإنتاج الفعلي للشيء و يجعل الأطراف يتقاعسون غالبا في
متابعة حقوقهم بواسطة دعوى في الموضوع لحسم النزاع القائم، سيما و ان المشرع لم يشترط لطلب الحراسة القضائية إحالة النزاع
في الجوهر على المحكمة.
و المشرع المغربي لم يتعرض لهذا الشرط لا في فصول قانون الإلتزامات و العقود التي عالج فيها الحراسة و لا فصول قانون المسطرة
المدنية التي حدد فيها اختصاصات قاضي الأمور المستعجلة و هو في ذلك يتفق مع أغلب التشريعات.
وإننا لنسأل الله سبحانه، في هذه الأجواء الروحانية التي تسبق، شهر رمضان المبارك الذي اقترب حلوله،
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، أن يجعلنا من " الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.
أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.