شكرا للاصابة التي أهدت للكرة العراقية عداءا مرموقا إسمه عبد كاظم!

صورة تاريخية نادرة للعداء العراقي الشاب عبد كاظم!
صفحة أخرى من صفحات الكرة العراقية تفتحها لكم الموسوعة أحبتي الكرام،، هذه الصفحة هي ليست إنجازا لفريق في بطولة أو إخفاقة في أخرى نقدمها كي نستقي منها الدروس والعبر بل هي سلسلة خواطر وذكريات ختمناها بحقائق تُكشف لأول مرة بعد مرور خمسة أعوام على رحيل صاحبها!...
بحثنا هذا يخص مذكرات سطرتها أنامل فدائي الكرة العراقية الخالد عبد كاظم بصورها وحكاياتها وأسرارها..
سلسلة ذكريات نادرة نشرتها مجلة الرشيد في أعدادها (40-41-42-43) الصادرة في شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر من العام 1986 أعدها وحررها وصاغها بصورة صحفية الصحفي الرياضي الكبير سعدون جواد الذي اكتشفنا أن وثيقته تلك هي المصدر الرئيس والنبع الذي نهل منه كل من كتب عن عبد كاظم لننهل منه نحن ايضا ونقدمه للقارىء بتلك الصورة الزاهية التي قدمها سعدون جواد لقراء الرشيد بعد ثلاث وعشرون عاما من نشرها بالتام والكمال،، ومهما كتبنا فستبقى فصول هذا السد المنيع مُباحة للجميع إن اتفقنا سلفا على أنه رجلا عاد في ظروف غامضة ورحل بتفاصيل مأساوية ستكشفها لنا السطور اللاحقة..
هنا نقول ايضا أننا لم نكتف بمذكراته التي كتبها لسعدون جواد بل مارسنا دور الباحث عن المعلومة لنصل الى الحقيقة كاملة في حياته ومابعدها!!.. وهذا ماسيعرفه القارىء في حلقات هذه السلسلة...
قبل البدء: أكثر من الشكر،، وأكبر من التقدير،، وأسمى من الامتنان.. أقدمه الى عضو مكعي،، آثر أن يُسلمّ مكتبته الشخصية الكاملة بكل ماتحويه من كنوز من مجلات وصحف وصور نادرة ليهديها الى موسوعة البدراوي الكروية إيمانا منه بأهميتها لاطلاع النشىء الجديد على رجال قدموا الكثير لهذا البلد..
أنه آزر الطائي
أترككم تبحرون مع عبد كاظم...

نعترف بأن التنقيب في الذاكرة الرياضية للكابتن عبد كاظم كانت مُهمة صعبة وشيقة، لأن حياة هذا الرياضي كانت غنية وفيها الكثير،، والكثير جدا من الوقائع والاحداث..
الذي ساعدنا في أن نقدمه للقراء في هذه الخواطر والذكريات بهذه الصورة عاملان: أولهما الاعتماد على ذاكرة جيدة يسعفها إرشيف غاية بالجمال والتنظيم سواء من حيث المعلومة أو الصور، وكأن ذلك يحدث عندما تخون الذاكرة صاحبها بفعل الزمن، وعامل آخر هو أننا كلما نفذ صبرنا لجأنا الى الاستعانة بصبر هذا الرياضي الذي لانستطيع أن نجد حدا فاصلا بين فنه العالي وخلقه العالي أيضا..وهكذا كانت هذه الجولة في الحياة العريضة لعبد كاظم الذي أعطى للرياضة في وقت مبكر من عمره و(لازال يعطي)..
هو لاعبا كرويا مرموقا قدم الكثير الكثير للكرة العراقية وقدم مدربا وجدناه قد استوعب الكثير من مفردات التدريب الحديث الذي أكتسبه من رحلة العمر أو من خلال القراءة أو المشاهدة..
لندع عبد كاظم يتحدث عن نفسه في رحلة الحياة الرياضية منذ أن كان صغيرا يطفح حركة واندفاعا وحبا بالرياضة،، عشق بدأ و(لازال) في مكان ما من بغداد!..
الصحفي سعدون جواد
الذكريات بقلم عبد كاظم...
في العيواضية .. قريبا من نهر دجلة وملعب الكشافة
وهل تحتاج هذه اللقطة إلى توضيح سبب تسمية عبد كاظم بالفدائي؟
في العيواضية والكسرة وشارع الزهاوي ومناطق أخرى ولد ناس كثيرون، وكثيرون جدا ممن ولدوا في هذه المناطق التي لاتبعد كثيراً عن أقدم ملعب رياضي في بغداد والذي شهد ولادة العديد من نجوم اللعبة في البلد اتجهوا للرياضة وأجادوا في ميادينها، وكانت الكرة أولى الاهتمامات بل أن سحرها فاق سحر بقية الالعاب، وأنا واحد منهم!.
ولدت عام 1942 في الجزء الشعبي من منطقة "راقية" في بغداد في تلك الفترة وهي العيواضية، بل أستطيع التحديد بأنني قد ولدت في بيت متواضع بجانب قصر أحد الوجهاء آنذاك، قريبا من نهر دجلة الخالد وملعب الكشافة، فتشكلت بداياتي بتأثير هذين العاملين، في منطقة يبصر فيها الانسان نور الحياة فيجد أهلها يركضون ويلعبون الكرة.. ويسبحون أيضا!.
وأنا طفل علّمني والدي السباحة ولم ألبث أن جعلت "الشط" أحد إهتماماتي المُبكرة.. في طفولتي كنت أعبر سابحا نحو جانب الكرخ الى منطقة قريبة من مقهى "البيروتي" وحتى العطيفية، أجدت القفز الى الماء من ارتفاع كبير وهو ماساعدني على الفوز في سباقات كانت تُجرى للمدارس في حينها،، ركضت ولعبت الكرة في المنطقة ولم تكن طفولتي خاملة بل كنت أشعر بطاقة كبيرة في داخلي..
قبل أن أدخل مدرسة "العسكري" الابتدائية التي كانت تشغل بناية بيت متواضع قديم، أدخلني أهلي إلى "المُللا" أنا وأخي جواد لأتعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وكنت دائم الهرب وقليل المواظبة!.
لم ألعب الكرة في مدرسة العسكري بشكلها المُنظم وفي فريقها المدرسي، بل كنت أتفرج على الفريق وهو يضم طُلابا أكبر مني سنا، أتذكر منهم من كان يلعب جيدا عامر جميل وأخوه اللاعب طارق الذي أعتزل اللعب وأتجه الى التدريب.
في الفترة الأولى كان ملعب الكشافة لنا يُمثل الحلم، كُنا نذهب لتسلق الاشجار والنخيل المحيطة به لمشاهدة المباريات، أتذكر تماما بأنني شاهدت مباراة لمنتخبنا الوطني العسكري مع المنتخب المصري العسكري يوم جاء مُتخما بنجوم الكرة المصرية وعلى رأسهم الكابتن حنفي بسطان،،، لقد شاهدناهم دون أن ندخل الملعب لأننا لم نكن نملك ثمن تذكرة دخوله!. بل أن الدخول اليه كان يُشكل رهبة ونحن في هذا العمر..
شهدنا "جمولي" الذي سطع نجمه وأعجبت به الى الحد الذي كان يستهويني أن ينادونني أهلي وأقراني بلقب "جمولي" عندما كُنا نلعب الكرة،، كنت أحلم أن أكون لاعبا مثله!..
الدورة ... نقطة تحوّل كبيرة

كان والدي يعمل في مصفى الدورة وحصلنا على دار سكن في تلك المنطقة، فلهذا إنتقل أهلي إلى منطقة المصفى في 15/1/1957.
وجدت بالقرب من سُكناي الجديد ملعبين لكرة القدم، وهذا عامل مهم لأن أتمسك بهوايتي وأستمر بها، لقد وجدت أقراني يلعبون الكرة، فلعبت حتى أصبح فريق المصفى فيما بعد يُشركني كلما كان بحاجة إلى لاعب... حتى تثبتت أقدامي فيه..
من ذكرياتي في هذه الفترة ذلك الموقف الذي لن أنساه ماحييت،، فقد قفزت في كرة مشتركة مع اللاعب سلمان داوُد الذي جاء مع فريق هلال الكرخ "على ما أذكر" فأوقعني أرضا واصبت في يدي اليسرى "فطر بالعظم"، ولم يمنعني ذلك من الاستمرار في مزاولة اللعب بعد ذلك، بل أنني وقتها ولازالت يدي مصابة خرجت ليلا أتدرب على الركض السريع لاشارك في سباقات المدارس في الساحة والميدان لأمثل مدرستي "كرارة" التي كانت من المدارس المنسية رياضيا والتي إن شاركت تأتي في مراتب مُتأخرة في السباقات، أقول خرجت أتدرب ليلا ولم يبق على السباق سوى يومين،،، فرحا كنت بالحذار الرياضي الخاص بالركض "السبايكس" الذي أعطتني إياه المدرسة، ولما لم أكن قد تعودت الركض به فقد سقطت وكُسرت يدي (التي أصبت بها في المباراة المذكورة) وحمّلني أهلي إلى المُجبّر الفني!..

صورة نادرة وصلتنا كهدية من الصحفي المبدع علي النعيمي
مع كل ذلك فقد اشتركت بالسباق ويدي مشدودة فكنت الأول في سباق الـ100م و200م والطفر العريض (وكانت هذه الفعاليات تستهويني) وجمعت لمدرستي (21) نقطة (للأول سبع نقاط في كل فعالية) وجاءت مدرستي بالمرتبة الثانية ولأول مرة في حياتها الرياضية، وبعد مدرسة "المتيم" التي كانت تحرز الأولوية دوما لأن طلابها كبار السن!..
كانت فرحة كبيرة لي وسمعت أكثر من واحد من أهل المنطقة يردد قائلا:
منو يُعرف مدرسة كرارة لو مو عبد كاظم؟!!.
كنت في تلك الفترة أفرح عندما ينادونني بلقب جمولي وأنا ألعب الكرة الى جانب ألعاب الساحة والميدان والكرة الطائرة والسباحة التي تعلمتها مُبكرا!..
أنا .. والساحة والميدان
في البدء استهوتني ألعاب الساحة والميدان فمارستها خلال حياتي الدراسية ومثلت المدارس في سباقات التربية، كما مثلت الشرطة في سباقات البلد المفتوحة في بداية الستينيات إلى جانب أبطال اللعبة آنذاك.
لقد مثلت مدرستي "متوسطة الوثبة" في الكرخ في تلك السباقات التي كان يُشارك فيها أبطال اللعبة في بغداد لأن الطلاب كانوا كبار السن وقتها، وكذلك لعبت لفريق المدرسة بالكرة الطائرة وكرة القدم، وانتقلت الى الثانوية الجعفرية ووجدت هناك مجموعة من الرياضيين أذكر منهم خضير سلاطه ونزار الجمالي وأنور مراد وسامي كريم وفاضل حسين ومزهر مالك وآخرين..
ومن الطرائف التي كانت تحصل بيننا نحن الرياضيين في المدرسة، كُنا في صف واحد أنا وخضير سلاطة وسامي ونزار وكنا قليلي الدوام، وصادف أن حضرنا في أحد الدروس والتي لم يسبق لنا مشاهدة استاذ المادة المذكورة الذي استغرب من وجودنا في الصف وقال: انا لا أقبل في صفي مُستمعين!،، وكان يظن بأننا لسنا طلابا،، فرد أحدنا عليه قائلا: أستاذ نحن طلاب، فقال الاستاذ: لكنني لم أشاهدكم في الصف سابقا،، وببرود رد أحد الرياضيين قائلا: نحن ايضا لم يسبق لنا أن شاهدناك وضج الصف ضاحكا!.

كانت الرياضة شفيعة لنا في الدوام ونيل الدرجات،، وهو إتجاه شجعه البعض في المدارس في وقتها للاسف وكان يضر الرياضي أكثر مما ينفعه لأنه يقتل فيه روح العلم وإن كان يُحفز على الفوز الرياضي!.
لقد كان العام 1962 عام الفوز لي في مجال العاب الساحة والميدان، فلقد أحرزت المرتبة الثانية في سباق الـ100م بعد العداء الدولي خضير سلاطة في ركضة جرت في بطولة القطر المفتوحة ولازلت أذكرها وأنا أمثل فريق الشرطة، وقد ركض معنا في هذا السباق هشام عطا عجاج (الذي أصبح لاعبا دوليا مرموقا فيما بعد) والعداء صبيح الناصري،، وفي الطفر العريض أحرزت المرتبة الثانية بعد الرياضي طارق كامل من الجيش وأذكر من الذين شاركوا ايضا في هذه الفعالية الرياضي فوزي عسكر (لاعب السلة المعروف) كما أنني شاركت في سباق الـ200م وكان هناك هشام عطا عجاج وقاسم محمود (قاسم زوية اللاعب الكروي المعروف فيما بعد) وصبيح الناصري وخضير سلاطه...
في فعالية الـ100 م التي كان فيها خضير سلاطة الاسرع انطلقت بسرعة وبدايتي الواثقة جعلتني في المقدمة أغلب المسافة بل أن خضير كان يركض خلفي وقبل أن أصل الى النهاية بعدة امتار وسط تشجيع وتصفيق الجمهور الكبير الذي كان يحضر سباقات الساحة والميدان بشكل ملحوظ أكثر من الوقت الحاضر، شعرت وكأن أحدا ينهال على ساقي بسكين يقطع أوصالي!.. وألم شديد جعلني من شدته أرمي بنفسي خارج المضمار وحيث تجلس الفرقة الموسيقية العسكرية وبعدها لم أفق الا وأنا راقدا على سرير بالمستشفى وأحد الاصدقاء يواسيني ويداعبني ولم يدري بأنه يزيد ألمي قائلا: لو أكملت السباق لسجلت رقما قياسيا جديدا للعراق.. مع الأسف!..
وقد علمت فيما بعد أن خضير سلاطة قد سجل رقما محترما وهو 10.5 وكان الاول في هذه الفعالية..

هذه الاصابة "التمزق" منعتني لفترة من ممارسة هوايتي المُحببة بل أنها قضت نهائيا على طموحي في أن أكون عداءا للمسافات القصيرة وجعلتني أتجه جديا لكرة القدم ولا أدري الان هل كانت نافعة أم ضارة، لكنها بكل الاحوال كانت نقطة تحوّل في حياتي الرياضية..
في عام 1964 وقد تحسنت ساقي من الاصابة دفعني حبي لرياضة الساحة والميدان للمشاركة في سباق القطر المفتوح ببعض الفعاليات التي لاتؤثر على اصابتي السابقة، فقد شاركت في سباق قذف الثقل واحرزت المرتبة الثانية فيه وكان الاول في هذا السباق هو الرياضي خزعل يوسف، وشاركت في رمي القرص والمطرقة في سباقات مهرجان الشرطة وقد مثلت فريق آليات الشرطة..
من ذكرياتي في هذه الرياضة تلك النصيحة التي أسداها لي الرياضي خالد توفيق لازم الذي شاهدني يوما أتمرن على الطفرة الثلاثية وارتكب خطئا يؤثر على ساقي.. لقد نصحني حينها بترك كرة القدم والاتجاه الى الاركاض السريعة وقد تنبأ لي بمركز مرموق في ركضة الـ100م ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن،، فقد اتجهت كليا الى كرة القدم..
يُتبع
تقرأون في حلقات هذه السلسلة:
*أسرار تنفرد بها موسوعة البدراوي الكروية عن كل وسائل الاعلام العراقية بنشرها في موقع كووورة عراقية، يكشفها صحفي مُختص بتوثيق الملفات الخفية لسيرة الراحل عبد كاظم!.
*بعد كل تلك السنين... عبد كاظم يفضح الكابتن المصري الكبير حسن شحاته!!!!!!!!...
*لماذا يُقابَل لاعبنا العراقي أحيانا بالعنف والارهاب الكروي في بعض الملاعب العالمية؟!
*هكذا دفع المنتخب العراقي ضريبة ارتداءه "دريس" النادي الاهلي المصري في إحدى مبارياته !!!
*منتخب العراق العسكري،، يلعب في منطقة موبوءة بمرض خطير فيدفع عبد كاظم الثمن غاليا!.
*مباراة كوميدية تآمر فيها منتخب العراق العسكري على منتخب العراق الاولمبي!..
*هكذا فاز العراق ببطولة كأس العالم العسكرية!
*همسة طريفة بأذن عمو بابا أثناء اللعب.. هل سببت بإعتزاله الكرة؟!
*ماهو الدور الخطير الذي منحه عبد كاظم من مهجره في أمريكا إلى المُشجعان مهدي وقدوري؟!..
*كيف تعامل عبد كاظم مع عُدي صدام حسين؟!.
*سر "عركة" اليمن؟!..
وأخيرا.. قيد البحث:
لهذا السبب........... توفي عبد كاظم...
"هذه المعلومة،، لازلت على طاولة نقاش النشر من عدمه مع مصدرها"!!!..