وزارة التعلـــــيم العالـــــي و البحــث العلمـي
جــــامعة التكويـــــن المتواصـــــل
--***--
نيابة رئاسة الجامعة للدراسات و البيداغوجية
نيابة مديرية التعليم عن بعد
فرع : قانون الأعمال
السنة الثالثة : الإرسال الأول
--***--
دروس في
التحكيم التجاري الدولي
الدكتــــور ? : محمد زغداوي
مقدمــة
التحكيم التجاري الدولي مفهوم قانوني حديث نسبيا يقوم على سحب الاختصاص من القضاء الوطني لحل المنازعات التي تحدث بسبب إبرام و تنفيذ عقود التجارة المبرمة بين الدول بعضها البعض أو بين الدول و الشركات التجارية الدولية أو الأفراد ، و إسناد حل هذه المنازعات إلى أشخاص خواص يتم اختيارهم بصفة إرادية من قبل الأطراف المتعاقدة .
إنّ ما يميز التحكيم التجاري الدولي إذن هو أنه " عدالة خاصة " " c’est une justice privée " يقوم بها أشخاص عاديون من اختيار أطراف المنازعة أطراف المنازعة أنفسهم و تتوفر فيهم عادة خصائص معينة تتعلق أساسا بكونهم يحوزون أو يتمتعون بخبرة أكيدة في مجال الممارسة التجارية الدولية .
إن حيازة المحكمين الدوليين لثقة أطراف المنازعة تجعلهم - حسب رأي كثير من الكتاب - في مركز أحسن من مركز القاضي العادي الذي لا يتمتع بمثل هذه الثقة المسبقة من قبل أطراف المنازعة المعروضة ، مما يسهل عمله و يعطيه مصداقية لدى الأطراف تمكن من تنفيذ قرار التحكيم بسرعة و سهولة .
و يرجع معظم الكتاب في هذا المجال أسباب اختيار هذا النظام لحل منازعات التجارة الدولية إلى أسباب عملية و قانونية و نفسية .
- قاما السباب العملية فتتعلق بأهمية المبادلات التجارية الدولية في العصر الحديث . هذه الأهمية فرضت التفكير في إيجاد إطار قضائي خارج إطار قضاء الدولة ، يتمثل في استحداث هيئات قضائية دولية تكون أنّ تماشيا مع متطلبات التجارة الدولية . و لاسيما فيما يتعلق بسرعة الفصل في هذه المنازعات ، عن طريق إخراجها من دائرة القضاء الوطني الذي يعاب عليه ثقله و طول إجراءاته إضافة إلى تكلفته البلهضة . فالتحكيم التجاري الدولي إذن هو وسيلة سريعة و سهلة و غير مكلفة لحل منازعات التجارة الدولية .
( 1 ) « C’est une méthode rapide , facile , bon marché , alors que la procédure judiciaire est lente , complexe et chère ... »
هذا زيادة عن أسباب مادية نظرا لكون المنازعة التجارية الدولية تتعلق بأطراف يسكنون عادة أقاليم متباعدة بما تشكله من انعكاسات على الكلفة النهائية للفصل في المنازعة .
- أمّا الأسباب القانونية فتتمثل في وجود عائق أو حاجز قانوني أساسي handicap juridique هو جهد
المتعاملين في التجارة الدولية للقوانين الوطنية المختلفة و إجراءاتها.
( 1 )- أنظر Philippe Fouhard : « L’arbitrage commercial international »
II. Librairie Dalloz. paris 1965 P01
هذا بالإضافة إلى أنّ التحكيم الدولي يمكن من تجاوز مسألة تنازع القوانين في إطار ما يسمى بالقانون الدولي الخاص ، الذي يشكل لوحده حسب " فيليب فولتار " عقبة قانونية كآراء ، و حتى إذا تم تجاوزها بالاعتماد على قواعد الإسناد الوطنية التي تنص عليها أحكام القوانين المدنية المعالجة لتوزيع الاختصاص في هذا المجال ، فإنّ هذا الحل يكون في النهاية لصالح تطبيق قانون وطني على حساب قانون وطني آخر ، مع المشاكل الموضوعية و الإجرائية التي يطرحها اللجوء إلى القانون الوطني في وجه المتعاملين التجاريين الدوليين .
ـ و أخيرا يرجع البعض سبب اختيار نظام التحكيم التجاري الدولي استنادا إلى اعتبارات نفسية تتمثل في رفض أطراف التجارة الدولية لقبول محاكم " الأجنبي " و تخوفهم من معاملة متحيزة .
كل هذه العوامل مجتمعة إلى جانب وجود خلفية سياسية في بعض الأحيان دفعت بالمتعاملين بشكل مستمر كل من جانبه لأي رفض اختيار القاضي الوطني " أو الطبيعي " للمتعامل معه .
فالتحكيم في النهاية بدا أنه يشكل الإطار الأمثل لحل خلافات المتعاملين التجاريين الدوليين دون قيام خطر تدهور نهائي لعلاقاتهم .
إنّ أهمية التحكيم التجاري الدولي ستزداد لا محالة في المرحلة الحالية المتميزة بازدياد وتيرة التجارة الدولية لاسيما في ظل ما يسمى " بالعمولة " التي تهدف إلى القضاء على كثير من العراقيل الإدارية و القانونية التي تفرضها الدول في قوانينها الداخلية للحد من حرية تبادل السلع و الخدمات ... يستنتج ذلك من أحكام منظمة التجارة الدولية الداعية إلى التخلي عن الحماية القانونية للتجارة الوطنية عن طريق تحريرها التدريجي من كل القيود القانونية الحمائية .
غير أنه حتى يلعب هذا النموذج لحل المنازعات ، يجب أن لا يكتفي برفض الإطار القانوني الوطني ، و إنما تجاوزه إلى وضع ميكانيزمات دولية لحل المنازعات التجارية الدولية ، و هو ما يتطلب إلى جانب وجود هيئات للتحكيم التجاري الدولي قانون مرجعي خاص بالمحكمين ، و قواعد خاصة يحتكم إليها و إمكانيات خاصة تتجاوز الإطار لوطني ـ أن اكتفى الأخر ذلك ـ لتنفيذ أحكام التحكيم الدولية .
توضيح كل هذه الجوانب اقتضى منا تقسيم الموضوع إلى :
ـ قســــــــم أول : تتناول فيه تحديد مفهوم التحكيم التجاري الدولي تتعرض فيه للإشكاليات التي يطرحها هذا المفهوم عن طريق تعريفه ، و تمييزه عن بعض التقنيات القانونية المشابهة له، و تحديد طبيعته القانونية و موقعه في النظام القانوني و أنواعه ... إلخ و تطوره دوليا و داخليا .
ـ قســـم ثـــانــي : نتناول فيه الإجراءات العملية للتحكيم التجاري الدولي أو تنظيم التحكيم التجاري الدولي . نتعرض فيه لاتفاقية التحكيم التجاري الدولي ، و كيفية اختيار المحكمين الدوليين و طرق عملهم ، و القوة التنفيذية لقرارات التحكيم التجاري الدولي ... إلخ .
قـــــائمــة المراجـــــع
أولا : قــــائـــمـة المراجـــع باللغــــة العربيـــة :
1 / الدكتور / عبد الحميد المنشاوي : » التحكيم الدولي و الداخلي في المواد المدنية و التجارية و الإدارية "
منشأة المعارف الإسكندرية «
2 ـ / الدكتور / عبد المنعم دسوقي : » التحكيم التجاري الدولي و الداخلي «
في القانون الجديد رقم 27 لسنة 1994 . تشريعا وفقها و قضاءا
كلية مدلولي القاهرة 1995 .
3 ـ / الدكتور / نار يمان عبد القادر : » اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية و التجارية «
دار النهضة العربية ، الطبقة الأولى 1996 .
4 ـ / هشام علي صادق : » عقود التجارة الدولية « .
دراسة تحليلية ومقارنة للاتجاهات الحديثة في التشريعات الداخلية والاتفاقات الدولية ، و اهتمام القضاء و المحكمين و توصيات جمع القانون الدولي .
منشأة المعارف الإسكندرية 1995
5ـ محمد الطالب يعقوبي : قانون الإجراءات المدنية مع التعديلات التي دخلت عليه
1994 .
6 ـ المرسوم التشريعي 09/93 الصادر في 1993/04/25
ثـــــانيـــــا : قــــائمــة المراجـــع بـــالفرنسيــــة :
Philipe Fouchard :
L’arbitrage commercial international
Volume II
Librairie Dalloz. Paris 1965
- Terki Noureddine :
L’arbitrage Commercial international en Algérie.
O. P .U Alger 1999
- Antoine KASSis : Problème de base de l’arbitrage en droit comporé et en droit international.
Tome I
L’arbitrage juridictionnel et arbitrage contractuel
L.G.D.J Paris 1987
Investissements étrangers et arbitrage entre états et personnes privées.
convention BIRD du 18 / mars /1965
Paris édition A Pédone 1969